وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين
وأذان من الله ورسوله إلى الناس أي إعلام فعال بمعنى الإفعال كالأمان والعطاء ، ورفعه كرفع براءة على الوجهين . يوم الحج الأكبر يوم العيد لأن فيه تمام الحج ومعظم أفعاله ، ولأن الإعلام كان فيه ولما روي أنه صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع فقال « » وقيل يوم هذا يوم الحج الأكبر عرفة لقوله صلى الله عليه وسلم « » . الحج عرفة
ووصف الحج بالأكبر لأن العمرة تسمى الحج الأصغر ، أو لأن المراد بالحج ما يقع في ذلك اليوم من أعماله فإنه أكبر من باقي الأعمال ، أو لأن ذلك الحج اجتمع فيه المسلمون والمشركون ووافق عيده أعياد أهل الكتاب ، أو لأنه ظهر فيه عز المسلمين وذل المشركين . أن الله أي بأن الله . بريء من المشركين أي من عهودهم . ورسوله عطف على المستكن في بريء ، أو على محل (إن) واسمها في قراءة من كسرها إجراء للأذان مجرى القول ، وقرئ بالنصب عطفا على اسم إن أو لأن الواو بمعنى مع ولا تكرير فيه ، فإن قوله براءة من الله إخبار بثبوت البراءة وهذه إخبار بوجوب الإعلام بذلك ولذلك علقه بالناس ولم يخصه بالمعاهدين . فإن تبتم من الكفر والغدر . فهو فالتوب خير لكم وإن توليتم عن التوبة أو ثبتم على التولي عن الإسلام والوفاء . فاعلموا أنكم غير معجزي الله لا تفوتونه طلبا ولا تعجزونه هربا في الدنيا . وبشر الذين كفروا بعذاب أليم في الآخرة .
إلا الذين عاهدتم من المشركين استثناء من المشركين ، أو استدراك فكأنه قيل لهم بعد أن أمروا بنبذ العهد إلى الناكثين ولكن الذين عاهدوا منهم . ثم لم ينقصوكم شيئا من شروط العهد ولم ينكثوه أو لم يقتلوا منكم ولم يضروكم قط . ولم يظاهروا عليكم أحدا من أعدائكم فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إلى تمام مدتهم ولا تجروهم مجرى الناكثين . إن الله يحب المتقين تعليل وتنبيه على أن إتمام عهدهم من باب التقوى .