[ ص: 70 ] (9) سورة براءة مدنية وقيل إلا آيتين من قوله : لقد جاءكم رسول بسم الله الرحمن الرحيم وهي آخر ما نزل ، « التوبة » و « المقشقشة » و « البحوث » و « المبعثرة » و « المنقرة » و « المثيرة » و « الحافرة » و « المخزية » و « الفاضحة » و « المنكلة » و « المشردة » و « المدمدمة » و « سورة العذاب » لما فيها من التوبة للمؤمنين والقشقشة من النفاق وهي التبري منه ، والبحث عن حال المنافقين وإثارتها ، والحفر عنها وما يخزيهم ويفضحهم وينكلهم ويشردهم ويدمدم عليهم . ولها أسماء أخر
وأيها مائة وثلاثون وقيل تسع وعشرون ، وإنما لأنها نزلت لرفع الأمان وبسم الله أمان . وقيل كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلت عليه سورة أو آية بين موضعها ، وتوفي ولم يبين موضعها وكانت قصتها تشابه قصة الأنفال وتناسبها لأن في الأنفال ذكر العهود وفي براءة نبذها فضمت إليها . وقيل لما اختلفت الصحابة في أنهما سورة واحدة هي سابعة السبع الطوال أو سورتان تركت بينهما فرجة ولم تكتب بسم الله . تركت التسمية فيها
براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين
براءة من الله ورسوله أي هذه براءة ، ومن ابتدائية متعلقة بمحذوف تقديره واصلة من الله ورسوله ، ويجوز أن تكون براءة مبتدأ لتخصصها بصفتها والخبر إلى الذين عاهدتم من المشركين وقرئ بنصبها على اسمعوا براءة ، والمعنى : أن الله ورسوله برئا من العهد الذي عاهدتم به المشركين ، وإنما علقت البراءة بالله ورسوله والمعاهدة بالمسلمين للدلالة على أنه يجب عليهم نبذ عهود المشركين إليهم وإن كانت صادرة بإذن الله تعالى واتفاق الرسول فإنهما برئا منها ، وذلك أنهم عاهدوا مشركي العرب فنكثوا إلا أناسا منهم بنو ضمرة وبنو كنانة فأمرهم بنبذ العهد إلى الناكثين وأمهل المشركين أربعة أشهر ليسيروا أين شاءوا فقال : فسيحوا في الأرض أربعة أشهر شوال وذي القعدة وذي الحجة والمحرم لأنها نزلت في شوال . وقيل هي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وربيع الأول وعشر من ربيع الآخر لأن التبليغ كان يوم النحر لما روي أنها عليا رضي الله عنه راكبا العضباء ليقرأها على أهل الموسم ، وكان قد بعث رضي الله تعالى عنه أميرا على الموسم فقيل له : لو بعثت بها إلى أبا بكر فقال : لا يؤدي عني إلا رجل مني ، فلما دنا أبي بكر رضي الله تعالى عنه سمع علي الرغاء فوقف وقال : هذا رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما لحقه قال : أمير أو مأمور قال مأمور ، فلما كان قبل التروية خطب أبو بكر رضي الله تعالى عنه وحدثهم عن مناسكهم وقام أبو بكر رضي الله عنه يوم النحر عند علي جمرة العقبة فقال : أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم ، فقالوا بماذا فقرأ عليهم ثلاثين أو أربعين آية ثم قال : أمرت بأربع : أن لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مؤمنة ، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده . لما نزلت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم
(ولعل قوله صلى الله عليه وسلم « لا يؤدي عني إلا رجل مني » ليس على العموم ، فإنه صلى الله عليه وسلم بعث لأن يؤدي عنه كثير لم يكونوا من عترته ، بل هو مخصوص بالعهود فإن عادة العرب أن لا يتولى العهد ونقضه على القبيلة إلا رجل [ ص: 71 ] منها ، ويدل عليه أنه في بعض الروايات « لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي » .
واعلموا أنكم غير معجزي الله لا تفوتونه وإن أمهلكم . وأن الله مخزي الكافرين بالقتل والأسر في الدنيا والعذاب في الآخرة .