وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب
5 - وعجبوا أن جاءهم ؛ من أن جاءهم؛ منذر منهم ؛ رسول من أنفسهم؛ ينذرهم؛ يعني استبعدوا أن يكون النبي من البشر؛ وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب ؛ ولم يقل: "وقالوا"؛ إظهارا للغضب عليهم؛ ودلالة على أن هذا القول لا يجسر عليه إلا الكافرون المتوغلون في الكفر؛ المنهمكون في الغي؛ إذ لا كفر أبلغ من أن يسموا من صدقه الله "كاذبا ساحرا"؛ ويتعجبوا من التوحيد؛ وهو الحق الأبلج؛ ولا يتعجبوا من الشرك؛ وهو باطل لجلج؛ وروي أن - رضي الله عنه - لما أسلم فرح به المؤمنون؛ وشق على قريش؛ فاجتمع خمسة وعشرون نفسا من صناديدهم؛ ومشوا إلى عمر أبي طالب؛ وقالوا: أنت كبيرنا؛ وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء - يريدون الذين دخلوا في الإسلام -؛ وجئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك؛ فاستحضر أبو طالب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: يا ابن أخي؛ هؤلاء قومك؛ يسألونك السواء؛ فلا تمل كل الميل على قومك؛ فقال - عليه الصلاة والسلام -: "ماذا يسألونني؟"؛ فقالوا: ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا؛ وندعك وإلهك؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب؛ وتدين لكم بها العجم"؛ قالوا: نعم؛ وعشرا؛ أي: نعطيكها وعشر كلمات معها؛ فقال: "قولوا لا إله إلا الله"؛ فقاموا؛ وقالوا: أجعل الآلهة إلها واحدا؟! - أي: أصير - إن هذا لشيء عجاب؛ أي: [ ص: 145 ] بليغ في العجب؛ وقيل: "العجيب": ما له مثل؛ و"العجاب": ما لا مثل له .