ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نـزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور
23 - ذلك ؛ أي: الفضل الكبير؛ الذي يبشر الله ؛ "يبشر"؛ "مكي وأبو عمرو وحمزة وعلي"؛ عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات ؛ أي: به عباده الذين آمنوا؛ فحذف الجار؛ كقوله: واختار موسى قومه ؛ ثم حذف الراجع إلى الموصول؛ كقوله: أهذا الذي بعث الله رسولا ؛ ولما قال المشركون: أيبتغي على تبليغ الرسالة أجرا؟ نزل: قل لا أسألكم عليه ؛ على التبليغ؛ أجرا إلا المودة في القربى ؛ يجوز أن يكون استثناء متصلا؛ أي: لا أسألكم عليه أجرا إلا هذا؛ وهو أن تودوا أهل قرابتي؛ ويجوز أن يكون منقطعا؛ أي: "لا أسألكم أجرا قط؛ ولكني أسألكم أن تودوا قرابتي الذين هم قرابتكم؛ ولا تؤذوهم"؛ ولم يقل: "إلا مودة القربى"؛ أو "المودة للقربى"؛ لأنهم جعلوا مكانا للمودة؛ ومقرا لها؛ كقولك: "لي في آل فلان مودة؛ ولي فيهم حب شديد"؛ تريد: "أحبهم؛ وهم مكان حبي؛ ومحله"؛ وليست "في"؛ بصلة لـ "المودة"؛ كاللام؛ إذا قلت: "إلا المودة للقربى"؛ إنما هي متعلقة بمحذوف؛ تعلق الظرف [ ص: 253 ] به؛ في قولك: "المال في الكيس"؛ وتقديره: "إلا المودة ثابتة في القربى؛ ومتمكنة فيها"؛ و"القربى": مصدر؛ كـ "الزلفى"؛ و"البشرى"؛ بمعنى: "القرابة"؛ والمراد: "في أهل القربى"؛ وروي أنه "علي؛ وابناهما - رضي الله عنهم"؛ وفاطمة؛ وقيل: معناه: "إلا أن تودوني؛ لقرابتي فيكم؛ ولا تؤذوني؛ ولا تهيجوا علي"؛ إذ لم يكن من بطون لما نزلت قيل: يا رسول الله؛ من قرابتك هؤلاء؛ الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: قريش إلا بين رسول الله؛ وبينهم قرابة؛ وقيل: "القربى": التقرب إلى الله (تعالى)؛ أي: إلا أن تحبوا الله ورسوله في تقربكم إليه بالطاعة؛ والعمل الصالح؛ ومن يقترف حسنة ؛ يكتسب طاعة؛ عن أنها المودة في آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ نزلت في السدي أبي بكر - رضي الله عنه -؛ ومودته فيهم؛ والظاهر العموم في أي حسنة كانت؛ إلا أنها تتناول المودة تناولا أوليا؛ لذكرها عقيب ذكر المودة في القربى؛ نـزد له فيها حسنا ؛ أي: نضاعفها؛ كقوله: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ؛ وقرئ: "حسنى"؛ وهو مصدر؛ كـ "البشرى"؛ والضمير يعود إلى الحسنة؛ أو إلى الجنة؛ إن الله غفور ؛ لمن أذنب؛ بطوله؛ شكور ؛ لمن أطاع؛ بفضله؛ وقيل: قابل للتوبة؛ حامل عليها؛ وقيل: "الشكور"؛ في صفة الله (تعالى)؛ عبارة عن الاعتداد بالطاعة؛ وتوفية ثوابها؛ والتفضل على المثاب .