لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم
وقد عقب ذلك بما يحققه ويقرره من قصص الأمم الخالية بطريق الاستئناف ، فقيل : لقد أرسلنا نوحا إلى قومه هو جواب قسم محذوف ; أي : والله لقد أرسلنا ... إلخ ، واطراد استعمال هذه اللام مع قد ، لكون مدخولها مظنة للتوقع الذي هو معنى قد ، فإن الجملة القسمية إنما تساق لتأكيد الجملة المقسم عليها .
ونوح هو ابن لمك بن متوشلح بن أخنوخ ، وهو إدريس النبي عليهما السلام . قال رضي الله تعالى عنهما : بعث عليه الصلاة والسلام على رأس أربعين سنة من عمره ، ولبث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة ، وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين سنة ، فكان عمره ألفا ومائتين وأربعين سنة . ابن عباس
وقال : بعث وهو ابن مائة سنة ، وقيل : وهو ابن خمسين سنة ، وقيل : وهو ابن مائتين وخمسين سنة ، ومكث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة ، وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين سنة ، فكان عمره ألفا وأربعمائة وخمسين سنة . مقاتل
فقال يا قوم اعبدوا الله ; أي : اعبدوه وحده ، وترك التقييد به للإيذان بأنها العبادة حقيقة ، وأما العبادة بالإشراك فليست من العبادة في شيء .
وقوله تعالى : ما لكم من إله غيره ; أي : من مستحق للعبادة ، استئناف مسوق لتعليل العبادة المذكورة ، أو الأمر بها .
و" غيره " بالرفع صفة لإله باعتبار محله الذي هو الرفع على الابتداء ، أو الفاعلية ، وقرئ بالجر باعتبار لفظه ، وقرئ بالنصب على الاستثناء ، وحكم " غير " حكم الاسم الواقع بعد إلا ; أي : ما لكم من إله إلا إياه ، كقولك : ما في الدار من أحد إلا زيد ، أو غير زيد .
فـ" من إله " إن جعل مبتدأ فـ" لكم " خبره ، أو خبره محذوف و" لكم " للتخصيص والتبيين ; أي : ما لكم في الوجود ، أو في العالم إله غير الله .
إني أخاف عليكم ; أي : إن لم تعبدوه حسبما أمرت به .
عذاب يوم عظيم هو يوم القيامة ، أو يوم الطوفان ، والجملة تعليل للعبادة ببيان الصارف عن تركها ، إثر تعليلها ببيان الداعي إليها ، ووصف اليوم بالعظم لبيان عظم ما يقع فيه وتكميل الإنذار .