الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل

                                                                                                                                                                                                                                      حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق جواب عما ينساق إليه الذهن من حكاية ظلمهم بالآيات ، من تكذيبه إياه عليه الصلاة والسلام في دعوى الرسالة ، وكان أصله : حقيق علي أن لا أقول ... إلخ ، كما هو قراءة نافع ، فقلب للأمن من الإلباس ، كما في قول من قال :

                                                                                                                                                                                                                                      وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر

                                                                                                                                                                                                                                      أو لأن ما لزمك فقد لزمته ، أو للإغراق في الوصف بالصدق ، والمعنى : واجب علي القول الحق أن أكون أنا قائله ، لا يرضى إلا بمثلي ناطقا به ، أو ضمن حقيق معنى حريص ، أو وضع على موضع الباء لإفادة التمكن ، كقولهم : [ ص: 258 ] رميت على القوس ، وجئت على حال حسنة ، ويؤيده قراءة أبي بالباء ، وقرئ : ( حقيق أن لا أقول ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : قد جئتكم ببينة من ربكم استئناف مقرر لما قبله من كونه رسولا من رب العالمين ، وكونه حقيقا بقول الحق ، ولم يكن هذا القول منه عليه الصلاة والسلام ، وما بعده من جواب فرعون إثر ما ذكر ههنا ، بل بعد ما جرى بينهما من المحاورة المحكية بقوله تعالى : قال فمن ربكما ... الآيات ، وقوله تعالى : وما رب العالمين ... الآيات ، وقد طوي ههنا ذكره للإيجاز .

                                                                                                                                                                                                                                      و" من " متعلقة إما بجئتكم على أنها لابتداء الغاية مجازا ، وإما بمحذوف وقع صفة لبينة مفيدة لفخامتها الإضافية المؤكدة لفخامتها الذاتية المستفادة من التنوين التفخيمي ، وإضافة اسم الرب إلى المخاطبين بعد إضافته فيما قبله إلى العالمين ، لتأكيد وجوب الإيمان بها .

                                                                                                                                                                                                                                      فأرسل معي بني إسرائيل ; أي : فخلهم حتى يذهبوا معي إلى الأرض المقدسة التي هي وطن آبائهم ، وكان قد استعبدهم بعد انقراض الأسباط ، يستعملهم ويكلفهم الأفاعيل الشاقة ، فأنقذهم الله تعالى بموسى عليه الصلاة والسلام ، وكان بين اليوم الذي دخل يوسف مصر ، واليوم الذي دخله موسى عليهما السلام أربعمائة عام .

                                                                                                                                                                                                                                      والفاء لترتيب الإرسال ، أو الأمر به على ما قبله من رسالته عليه السلام ، ومجيئه بالبينة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية