إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون
إنكم لتأتون الرجال خبر مستأنف لبيان تلك الفاحشة ، وقرئ بهمزتين صريحتين وبتليين الثانية بغير مد ، وبمد أيضا على أنه تأكيد للإنكار السابق ، وتشديد للتوبيخ ، وفي زيادة " إن " واللام مزيد توبيخ وتقريع ، كأن ذلك أمر لا يتحقق صدوره عن أحد ، فيؤكد تأكيدا قويا ، وفي إيراد لفظ الرجال دون الغلمان ، والمردان ، ونحوهما ، مبالغة في التوبيخ .
وقوله تعالى : شهوة مفعول له ، أو مصدر في موقع الحال ، وفي التقييد بها وصفهم بالبهيمة الصرفة ، وتنبيه على أن العاقل ينبغي له أن يكون الداعي له إلى المباشرة طلب الولد ، وبقاء النوع ، لا قضاء الشهوة . ويجوز أن يكون المراد : الإنكار عليهم وتقريعهم على اشتهائهم تلك الفعلة الخبيثة المكروهة ، كما ينبئ عنه قوله تعالى : من دون النساء ; أي : متجاوزين النساء اللاتي هن محل الاشتهاء ، كما ينبئ عنه قوله تعالى : هن أطهر لكم .
بل أنتم قوم مسرفون إضراب عن الإنكار المذكور إلى الإخبار بحالهم التي أفضتهم إلى ارتكاب أمثالها ، وهي اعتياد الإسراف في كل شيء ، أو عن الإنكار عليها إلى الذم على جميع معايبهم ، أو عن محذوف ; أي : لا عذر لكم فيه ، بل أنتم قوم عادتكم الإسراف .