ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين شروع في تفصيل مبادئ الهلاك الموعود ، وإيذان بأنه تعالى لم يمهلهم بعد ذلك ، ولم يكونوا في خفض ودعة ، بل رتبت أسباب هلاكهم ، فتحولوا من حال إلى حال ، إلى أن حل بهم عذاب الاستئصال .
وتصدير الجملة بالقسم لإظهار الاعتناء بمضمونها ، والسنون جمع سنة ، والمراد بها : عام القحط ، وفيها لغتان ، أشهرهما إجراؤها مجرى المذكر السالم ، فيرفع بالواو وينصب ويجر بالياء ، ويحذف نونه بالإضافة .
واللغة الثانية إجراء الإعراب على النون ، ولكن مع الباء خاصة ، إما بإثبات تنوينها ، أو بحذفه . قال : هي في اللغة مصروفة عند الفراء بني عامر ، وغير مصروفة عند بني تميم ، ووجه حذف التنوين التخفيف ، وحينئذ لا يحذف النون للإضافة ، وعلى ذلك جاء قول الشاعر :
دعاني من نجد فإن سنينه ... لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا
وجاء الحديث : " يوسف " ، وسنين كسنين اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف ، باللغتين .
ونقص من الثمرات بإصابة العاهات . عن : يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة إلا تمرة . قال كعب رضي الله تعالى عنهما : أما السنون فكانت لباديتهم وأهل ماشيتهم ، وأما نقص الثمرات فكان في أمصارهم . ابن عباس
لعلهم يذكرون كي يتذكروا ويتعظوا بذلك ، ويقفوا على أن ذلك لأجل معاصيهم ، وينزجروا عما هم عليه من العتو والعناد . قال : إن أحوال [ ص: 264 ] الشدة ترقق القلوب ، وترغب فيما عند الله عز وجل ، وفي الرجوع إليه تعالى ، ألا يرى إلى قوله تعالى : الزجاج وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض .
وقد مر تحقيق القول في " لعل " وفي محلها في تفسير قوله تعالى : لعلكم تتقون في أوائل سورة البقرة .