الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون

                                                                                                                                                                                                                                      فخلف من بعدهم ; أي : من بعد المذكورين .

                                                                                                                                                                                                                                      خلف ; أي : بدل سوء ، مصدر نعت به ، ولذلك يقع على الواحد والجمع ، وقيل : جمع ، وهو شائع في الشر ، والخلف بفتح اللام في الخير ، والمراد به : الذين كانوا في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      ورثوا الكتاب ; أي : التوراة من أسلافهم ، يقرءونها ويقفون على ما فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      يأخذون عرض هذا الأدنى استئناف مسوق لبيان ما يصنعون بالكتاب بعد وراثتهم إياه ; أي : يأخذون حطام هذا الشيء الأدنى ; أي : الدنيا ، وهو من الدنو أو الدناءة ، والمراد به : ما كانوا يأخذونه من الرشا في الحكومات وعلى تحريف الكلام ، وقيل : حال من واو ورثوا .

                                                                                                                                                                                                                                      ويقولون سيغفر لنا ولا يؤاخذنا الله تعالى بذلك ويتجاوز عنه ، والجملة تحتمل العطف والحالية ، والفعل مسند إلى الجار والمجرور ، أو مصدر يأخذون .

                                                                                                                                                                                                                                      وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه حال من الضمير في لنا ; أي : يرجون المغفرة ، والحال أنهم مصرون على الذنب عائدون إلى مثله غير تائبين عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ; أي : الميثاق الوارد في الكتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      أن لا يقولوا على الله إلا الحق عطف بيان للميثاق ، أو متعلق به ; أي : بأن لا يقولوا ... إلخ ، والمراد به : الرد عليهم والتوبيخ على بتهم القول بالمغفرة بلا توبة ، والدلالة على أنها افتراء على الله تعالى وخروج عن ميثاق الكتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      ودرسوا ما فيه عطف على " ألم يؤخذ " من حيث المعنى فإنه تقرير ، أو على " ورثوا " وهو اعتراض .

                                                                                                                                                                                                                                      والدار الآخرة خير للذين يتقون ما فعل هؤلاء .

                                                                                                                                                                                                                                      أفلا تعقلون فتعلموا ذلك ، فلا تستبدلوا الأدنى المؤدي إلى العقاب بالنعيم المخلد ، وقرئ بالياء ، وفي الالتفات تشديد للتوبيخ .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية