وأرسلنا الرياح عطف على "جعلنا لكم فيها معايش" وما بينهما اعتراض لتحقيق ما سبق، وترشيح ما لحق، أي: أرسلنا الرياح لواقح أي: حوامل. شبهت الريح التي تجيء بالخير من إنشاء سحاب ماطر بالحامل. كما شبه بالعقيم ما لا يكون كذلك، أو ملقحات بالشجر، والسحاب، ونظيره الطوائح بمعنى: المطيحات في قوله:
ومختبط مما تطيح الطوائح
أي: المهلكات. وقرئ: وأرسلنا الريح على إرادة الجنس، فأنزلنا من السماء بعد ما أنشأنا بتلك الرياح سحابا ماطرا ماء فأسقيناكموه أي: جعلناه لكم سقيا، وهو أبلغ من سقيناكموه، لما فيه من الدلالة على جعل الماء معدا لهم، ينتفعون به متى شاءوا. وما أنتم له بخازنين نفى عنهم ما أثبته لجنابه بقوله: وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ، كأنه قيل: نحن القادرون على إيجاده، وخزنه في السحاب، وإنزاله، وما أنتم على ذلك بقادرين. وقيل: ما أنتم بخازنين له بعد ما أنزلناه في الغدران والآبار والعيون، بل نحن نخزنه فيها، لنجعلها سقيا لكم، مع أن طبيعة الماء تقتضي الغور.