قال فما خطبكم أيها المرسلون
قال أي: إبراهيم عليه الصلاة والسلام. وتوسيطه بين قوله السابق وبين قوله: فما خطبكم أي: أمركم وشأنكم الخطير الذي لأجله أرسلتم سوى البشارة أيها المرسلون صريح في أن بينهما مقالة مطوية لهم أشير به إلى مكانها، كما في قوله تعالى: قال أأسجد لمن خلقت طينا قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي ... الآية. فإن قوله الأخير ليس موصولا بقوله الأول، بل هو مبني على قوله تعالى: " فاخرج منها فإنك رجيم " فإن توسيط. قال: بين قوليه للإيذان بعدم اتصال الثاني بالأول، وعدم ابتنائه عليه، بل غيره، ثم خطابه لهم عليهم الصلاة والسلام بعنوان الرسالة بعد ما كان خطابه السابق مجردا عن ذلك مع تصديره بالفاء دليل على أن مقالتهم المطوية كانت متضمنة لبيان أن مجيئهم ليس لمجرد البشارة، بل لهم شأن آخر لأجله أرسلوا، فكأنه قال عليه الصلاة والسلام: إن لم يكن شأنكم مجرد البشارة، فماذا هو؟ فلا حاجة إلى الالتجاء إلى أن علمه عليه الصلاة والسلام بأن كل المقصود ليس البشارة، بسبب أنهم كانوا ذوي عدد. والبشارة لا تحتاج إلى عدد، ولذلك اكتفي بالواحد في زكريا عليه الصلاة والسلام ومريم ، ولا إلى أنهم بشروه في تضاعيف الحال لإزالة الوجل، ولو كانت تمام المقصود لابتدءوا بها فتأمل.