الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون
الذين تتوفاهم الملائكة بتأنيث الفعل. وقرئ: بتذكيره، وبإدغام التاء في التاء، والعدول إلى صيغة المضارع لاستحضار صورة توفيهم إياهم لما فيها من الهول. والموصول في محل الجر على أنه نعت للكافرين، أو بدل منه، أو في محل النصب أو الرفع على الذم، وفائدته تخصيص الخزي والسوء بمن استمر كفره إلى حين الموت دون من آمن منهم، ولو في آخر عمره، أي: على الكافرين المستمرين على الكفر إلى أن يتوفاهم الملائكة. ظالمي أنفسهم أي: حال كونهم مستمرين على الكفر، فإنه ظلم منهم لأنفسهم وأي ظلم حيث عرضوها للعذاب المخلد، وبدلوا فطرة الله تبديلا. فألقوا السلم أي: فيلقون. والعدول إلى صيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع، وهو عطف على قوله تعالى: ويقول أين شركائي وما بينهما جملة اعتراضية جيء بها تحقيقا لما حاق بهم من الخزي على رؤوس الأشهاد، أي: فيسالمون، ويتركون المشاقة، وينزلون عما كانوا عليه في الدنيا من الكبر، وشدة الشكيمة، قائلين: ما كنا نعمل في الدنيا من سوء أي: من شرك. قالوه منكرين لصدوره عنهم، كقولهم: والله ربنا ما كنا مشركين وإنما عبروا عنه بالسوء اعترافا بكونه سيئا لا إنكارا لكونه كذلك مع الاعتراف بصدوره عنهم، ويجوز أن يكون تفسيرا للسلم على أن يكون المراد به الكلام الدال عليه، وعلى التقديرين فهو جواب عن قوله سبحانه: "أين شركائي" في سورة الأنعام. لا عن قول أولي العلم ادعاء لعدم استحقاقهم لما دهمهم من الخزي والسوء. بلى رد عليهم من قبل أولي العلم، وإثبات لما نفوه، أي: بلى كنتم تعملون ما تعملون. إن الله عليم بما كنتم تعملون فهو يجازيكم عليه، وهذا أوانه.