اقرأ كتابك أي: قائلين لك ذلك. عن قتادة : يقرأ ذلك اليوم من لم يكن في الدنيا قارئا. وقيل المراد بالكتاب: نفسه المنتقشة بآثار أعماله، فإن كل عمل يصدر من الإنسان خيرا أو شرا يحدث منه في جوهر روحه أمر مخصوص إلا أنه يخفى ما دام الروح متعلقا بالبدن مشتغلا بواردات الحواس، والقوى، فإذا انقطعت علاقته عن البدن قامت قيامته; لأن النفس كانت ساكنة مستقرة في الجسد، وعند ذلك قامت وتوجهت نحو الصعود إلى العالم العلوي، فيزول الغطاء، وتنكشف الأحوال، ويظهر على لوح النفس نقش كل شيء عمله في مدة عمره، وهذا معنى الكتابة والقراءة.
كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا أي: كفى نفسك و "الباء" زائدة، و "اليوم" ظرف لـ "كفى" و "حسيبا" تمييز و "على" صلته; لأنه بمعنى الحاسب كالصريم بمعنى الصارم من حسب عليه كذا. أو بمعنى الكافي، ووضع موضع الشهيد; لأنه يكفي المدعي ما أهمه. وتذكيره لأن ما ذكر من الحساب والكفاية مما يتولاه الرجال، أو لأنه مبني على تأويل النفس بالشخص على أنها عبارة عن النفس المذكر كقول جبلة بن حريث :
يا نفس إنك باللذات مسرور فاذكر فهل ينفعنك اليوم تذكير