وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا
وإذا قرأت القرآن الناطق بالتسبيح، والتنزيه. ودعوتهم إلى العمل بما فيه من التوحيد، ورفض الشرك، وغير ذلك من الشرائع. جعلنا بقدرتنا ومشيئتنا المبنية على دواعي الحكم الخفية. بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة أوثر الموصول على الضمير ذما لهم بما في حيز الصلة، وإنما خص بالذكر كفرهم بالآخرة من بين سائر ما كفروا به من التوحيد، ونحوه. دلالة على أنها معظم ما أمروا بالإيمان به في القرآن، وتمهيدا لما سينقل عنهم من إنكار البعث، واستعجاله، ونحو ذلك. حجابا يحجبهم من أن يدركوك على ما أنت عليه من النبوة، ويفهموا قدرك الجليل، ولذلك اجترءوا على تفوه العظيمة التي هي قولهم: إن تتبعون إلا رجلا مسحورا أو حمل الحجاب على ما روي عن رضي الله عنهما من أنه أسماء بنت أبي بكر العوراء أم جميل امرأة أبي لهب ، وفي يدها فهر، والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد في المسجد ومعه رضي الله عنه، فلما رآها قال: يا رسول الله، لقد أقبلت هذه، وأخاف أن تراك ، قال صلى الله عليه وسلم: إنها لن تراني. وقرأ قرآنا فوقفت على أبو بكر رضي الله عنه، ولم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر . مما لا يقبله الذوق السليم، ولا يساعده النظم الكريم. لما نزلت سورة "تبت" أقبلت
مستورا ذا ستر، كما في قولهم: سيل مفعم أو مستورا عن الحس، بمعنى غير حسي، أو مستورا في نفسه بحجاب آخر، أو مستورا كونه حجابا، حيث لا يدرون أنهم لا يدرون.