وإن كادوا الكلام فيه كما في الأول، أي: كاد أهل مكة ليستفزونك أي: ليزعجونك بعداوتهم ومكرهم، من الأرض أي: الأرض التي أنت فيها، وهي أرض مكة . ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون بالرفع عطفا على خبر كاد، وقرئ: (لا يلبثوا) بالنصب بإعمال إذن على أن الجملة معطوفة على جملة "وإن كادوا ليستفزونك". خلافك أي: بعدك. قال:
خلت الديار خلافهم فكأنما بسط الشواطب بينهن حصيرا
أي: ولو خرجت لا يبقون بعد خروجك. وقرئ: (خلفك). إلا قليلا إلا زمانا قليلا، وقد كان كذلك فإنهم أهلكوا ببدر بعد هجرته صلى الله عليه وسلم. وقيل: نزلت الآية في اليهود حيث حسدوا مقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، فقالوا: الشام مقام الأنبياء عليهم السلام فإن كنت نبيا فالحق بها حتى نؤمن بك، فوقع ذلك في قلبه صلى الله عليه وسلم فخرج مرحلة، فنزلت، فرجع. ثم قتل منهم بنو قريظة ، وأجلي بنو النضير بقليل.