قل للذين كفروا آمنوا به أو لا تؤمنوا فإن إيمانكم به لا يزيده كمالا، وامتناعكم لا يورثه نقصا. إن الذين أوتوا العلم من قبله أي: العلماء الذين قرءوا الكتب السالفة من قبل تنزيله، وعرفوا حقيقة الوحي، وأمارات النبوة، وتمكنوا من التمييز بين الحق والباطل والمحق والمبطل، ورأوا فيها نعتك ونعت ما أنزل إليك. إذا يتلى أي: القرآن. عليهم يخرون للأذقان أي: يسقطون على وجوههم. سجدا تعظيما لأمر الله تعالى، أو شكرا لإنجاز ما وعد به في تلك الكتب من بعثتك، وتخصيص الأذقان بالذكر للدلالة على كمال التذلل، إذ حينئذ يتحقق الخرور عليها، وإيثار اللام للدلالة على اختصاص الخرور بها كما في قوله:
فخر صريعا لليدين وللفم
وهو تعليل لما يفهم من قوله تعالى: آمنوا به أو لا تؤمنوا من عدم المبالاة بذلك، أي: إن لم تؤمنوا به فقد آمن به أحسن إيمان من هو خير منكم، ويجوز أن يكون تعليلا لقل على سبيل التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كأنه قيل: تسل بإيمان العلماء عن إيمان الجهلة، ولا تكترث بإيمانهم وإعراضهم.