[ ص: 231 ] وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا
وربك مبتدأ، وقوله تعالى: الغفور خبره، وقوله تعالى: ذو الرحمة أي: الموصوف بها خبر بعد خبر، وإيراد المغفرة على صيغة المبالغة دون الحرمة للتنبيه على كثرة الذنوب، ولأن المغفرة ترك المضار. وهو سبحانه قادر على ترك ما لا يتناهى من العذاب، وأما "الرحمة" فهي فعل وإيجاد، ولا يدخل تحت الوجود إلا ما يتناهى. وتقديم الوصف الأول لأن التخلية قبل التحلية، أو لأنه أهم بحسب الحال إذ المقام مقام بيان تأخر العقوبة عنهم بعد استيجابهم لها، كما يعرب عنه قوله عز وجل: لو يؤاخذهم أي: لو يريد مؤاخذتهم بما كسبوا من المعاصي التي من جملتها ما حكي عنهم من مجادلتهم بالباطل، وإعراضهم عن آيات ربهم، وعدم المبالاة بما اجترحوا من الموبقات. لعجل لهم العذاب لاستيجاب أعمالهم لذلك، وإثار المؤاخذة المنبئة عن شدة الأخذ بسرعة على التعذيب والعقوبة ونحوهما، للإيذان بأن النفي المستفاد من مقدم الشرطية متعلق بوصف السرعة كما ينبئ عنه تاليها. وإيثار صيغة الاستقبال وإن كان المعنى على المضي، لإفادة أن انتفاء تعجيل العذاب لهم بسبب استمرار عدم إرادة المؤاخذة، فإن المضارع الواقع موقع الماضي يفيد استمرار انتفاء الفعل فيما مضى، كما حقق في موضعه. بل لهم موعد اسم زمان هو يوم بدر، أو يوم القيامة. والجملة معطوفة على مقدر، كأنه قيل: لكنهم ليسوا بمؤاخذين بغتة لن يجدوا البتة من دونه موئلا منجى، أو ملجأ. يقال: وأل أي: نجا. ووأل إليه أي: لجأ إليه.