أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا
أولئك كلام مستأنف من جنابه تعالى مسوق لتكميل تعريف الأخسرين، وتبيين سبب خسرانهم، وضلال سعيهم، وتعيينهم بحيث ينطبق التعريف على المخاطبين غير داخل تحت الأمر، أي: أولئك المنعوتون بما ذكر من ضلال السعي مع الحسبان المزبور. الذين كفروا بآيات ربهم بدلائله الداعية إلى التوحيد عقلا ونقلا، والتعرض لعنوان الربوبية لزيادة تقبيح حالهم في الكفر المذكور. ولقائه بالبعث، وما يتبعه من أمور الآخرة على ما هي عليه. فحبطت لذلك أعمالهم المعهودة حبوطا كليا، فلا [ ص: 250 ] نقيم لهم أي: لأولئك الموصوفين بما مر من حبوط الأعمال، وقرئ: بالياء. يوم القيامة وزنا أي: فنزدريهم، ولا نجعل لهم مقدارا واعتبارا لأن مداره الأعمال الصالحة، وقد حبطت بالمرة، وحيث كان هذا الازدراء من عواقب حبوط الأعمال عطف عليه بطريق التفريع، وأما ما هو من أجزية الكفر فسيجيء بعد ذلك. أو لا نضع لأجل وزن أعمالهم ميزانا; لأنه إنما يوضع لأهل الحسنات والسيئات من الموحدين، ليتميز به مقادير الطاعات، والمعاصي ليترتب عليه التكفير، أو عدمه; لأن ذلك في الموحدين بطريق الكمية، وأما الكفر فإحباطه للحسنات بحسب الكيفية دون الكمية فلا يوضع لهم الميزان قطعا.