الرحمن على العرش استوى
الرحمن رفع على المدح ، أي : هو الرحمن . وقد عرفت في صدر (سورة البقرة ) أن المرفوع مدحا في حكم الصفة الجارية في ما قبله ، وإن لم يكن تابعا له في الإعراب ، ولذلك التزموا حذف المبتدإ ليكون في صورة متعلق من [ ص: 5 ] متعلقاته . وقد قرئ بالجر على أنه صفة صريحة للموصول ، وما قيل من أن الأسماء الناقصة لا يوصف منها إلا الذي وحده مذهب الكوفيين . وأيا ما كان فوصفه بالرحمانية إثر وصفه بخالقية السموات والأرض للإشعار بأن خلقهما من آثار رحمته تعالى . كما أن قوله تعالى : رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن للإيذان بأن ربوبيته تعالى بطريق الرحمة ، وفيه إشارة إلى أن تنزيل القرآن أيضا من أحكام رحمته تعالى ، كما ينبئ عنه قوله تعالى : الرحمن علم القرآن ، أو رفع على الابتداء ، واللام للعهد ، والإشارة إلى الموصول ، والخبر قوله تعالى على العرش استوى ، وجعل الرحمة عنوان الموضوع الذي شأنه أن يكون معلوم الثبوت للموضوع عند المخاطب للإيذان بأن ذلك أمر بين لا سترة به غني عن الإخبار به صريحا ، و"على" متعلقة باستوى قدمت عليه لمراعاة الفواصل . والجار والمجرور على الأول خبر مبتدإ محذوف ، كما في القراءة الجر . وقد جوز أن يكون خبرا بعد خبر .
، متفرع على الكناية فيمن يجوز عليه القعود على السرير . يقال : استوى فلان على سرير الملك ، يراد به : ملك ، وإن لم يقعد على السرير أصلا . والمراد : بيان تعلق إرادته الشريفة إيجاد الكائنات وتدبير أمرها . والاستواء على العرش : مجاز عن الملك والسلطان