قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى
قال هي عصاي نسبها إلى نفسه تحقيقا لوجه كونها بيمينه ، وتميدها لما يعقبه من الأفاعيل المنسوبة إليه عليه الصلاة والسلام . وقرئ : "عصي" على لغة هذيل أتوكأ عليها أي : أعتمد عليها عند الإعياء ، أو الوقوف على رأس القطيع . وأهش بها أي : أخبط بها الورق وأسقطه على غنمي . وقرئ : "أهش" بكسر الهاء ، وكلاهما من هش الخبز يهش : إذا انكسر لهشاشته . وقرئ بالسين غير المعجمة وهو زجر الغنم وتعديته بعلى لتضمين معنى الإنحاء والإقباء ، أي : أزجرها منحيا ومقبلا عليها . ولي فيها مآرب أخرى أي : حاجات أخر من هذا الباب . مثل ما روي أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا سار ألقاها على عاتقه فعلق به أدواته من القوس والكنانة والحلاب ونحوها ، وإذا كان في البرية ركزها وعرض الزندين على شعبيتها وألقى عليها الكساء واستظل به ، وإذا قصر الرشاء وصله بها ، وإذا تعرضت لغنمه السباع قاتل بها . وقيل ومن جملة المآرب : أنها كانت ذات شعبتين ومحجن ، فإذا طال الغصن حناه بالمحجن ، وإذا أراد كسره لواه بالشعبتين . وكأنه عليه الصلاة والسلام فهم أن المقصود من السؤال بيان حقيقتها وتفصيل منافعها بطريق الاستقصاء ، حتى إذا ظهرت على خلاف تلك الحقيقة وبدت منها خواص بديعة علم أنها آيات باهرة ومعجزات قاهرة أحدثها الله تعالى وليست من الخواص المترتبة عليها ، فذكر حقيقتها ومنافعها على التفصيل والإجمال على معنى أنها من جنس العصي مستتبعة لمنافع بنات جنسها ، ليطابق جوابه الغرض الذي فهمه من سؤال العليم الخبير .