قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى
قالا ربنا أسند القول إليهما ، مع أن القائل حقيقة هو موسى عليه الصلاة والسلام بطريق التغليب إيذانا بأصالته في كل قول وفعل ، وتبعية هارون عليه السلام له في كل ما يأتي ويذر . ويجوز أن يكون هارون قد قال ذلك بعد تلاقيهما ، فحكى ذلك مع قول موسى عليه السلام عند نزول الآية ، كما في قوله تعالى : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات فإن هذا الخطاب قد حكي لنا بصيغة الجمع مع أن كلا من المخاطبين لم يخاطب إلا بطريق الانفراد ضرورة استحالة اجتماعهم في الوجود ، فكيف باجتماعهم في الخطاب ؟
إننا نخاف أن يفرط علينا أي : يعجل علينا بالعقوبة ، ولا يصبر إلى إتمام الدعوة وإظهار المعجزة من فرط إذا تقدم . ومنه الفارط ، وفرس فارط يسبق الخيل . وقرئ : "يفرط" من أفرطه إذا حمله على العجلة ، أي : نخاف أن يحمله حامل من الاستكبار أو الخوف على الملك أو غيرهما على المعاجلة بالعقاب .
أو أن يطغى أي : يزداد طغيانا إلى أن يقول في شأنك ما لا ينبغي لكمال جراءته وقساوته وإطلاقه من حسن الأدب . وإظهار كلمة "أن" مع سداد المعنى بدونه لإظهار كمال الاعتناء بالأمر والإشعار بتحقق الخوف من كل منهما .