وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى
وقوله تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم شروع في بيان المعهود وكيفية ظهور نسيانه وفقدان عزمه . و"إذ" منصوب على المفعولية بمضمر خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم ، أي : واذكر وقت قولنا لهم ، وتعليق الذكر بالوقت مع أن المقصود تذكير ما وقع فيه من الحوادث لما مر مرارا من المبالغة في إيجاب ذكرها ، فإن الوقت مشتمل على تفاصيل الأمور الواقعة فيه ، فالأمر بذكره أمر بذكر تفاصيل ما وقع فيه بالطريق البرهاني ، ولأن الوقت مشتمل على أعيان الحوادث فإذا ذكر صارت الحوادث كأنها موجودة في ذهن المخاطب بوجوداتها العينية ، أي : اذكر ما وقع في ذلك الوقت منا ومنه ، حتى يتبين لك نسيانه وفقدان عزمه .
فسجدوا إلا إبليس قد سبق الكلام فيه مرارا . أبى جملة مستأنفة وقعت جوابا عن سؤال نشأ عن الإخبار بعدم سجوده ، كأنه قيل : ما باله لم يسجد ؟ فقيل : أبى واستكبر ، ومفعول "أبى" إما محذوف ، أي : أبى السجود ، كما في قوله تعالى : أبى أن يكون مع الساجدين ، أو غير منوي رأسا بتنـزيله منزلة اللازم ، أي : فعل الإباء وأظهره .