خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون
خلق الإنسان من عجل جعل لفرط استعجاله وقلة صبره كأنه مخلوق منه ، تـنزيلا لما طبع عليه من الأخلاق منزلة ما طبع منه من الأركان إيذانا بغاية لزومه له وعدم انفكاكه عنه . ومن عجلته مبادرته إلى الكفر واستعجاله بالوعيد ، روي أنها بقوله : نزلت في النضر بن الحرث حين استعجل العذاب اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر ... الآية . وعن رضي الله عنهما : أن المراد بالإنسان : ابن عباس آدم عليه السلام ، وأنه حين بلغ الروح صدره ولم يتبالغ فيه ، أراد أن يقوم . وروي أنه لما دخل الروع في عينيه نظر إلى ثمار الجنة ، ولما دخل جوفه اشتهى الطعام . وقيل : خلقه الله تعالى في آخر النهار يوم الجمعة قبل غروب الشمس فأسرع في خلقه قبل غيبتها ، فالمعنى : خلق الإنسان خلقا ناشئا من عجل ، فذكره لبيان أنه من دواعي عجلته في الأمور . والأظهر أن المراد به الجنس ، وإن كان خلقه عليه السلام ساريا إلى أولاده ، وقيل : العجل الطين بلغة حمير ، ولا تقريب له ههنا .
وقوله تعالى : سأريكم آياتي تلوين للخطاب وصرف له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المستعجلين بطريق التهديد والوعيد ، أي : سأريكم نقماتي في الآخرة ، كعذاب النار وغيره . فلا تستعجلون بالإتيان بها ، والنهي عما جبلت عليه نفوسهم ليقعدوها عن مرادها .