قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين
قال عليه السلام إضرابا عما بنوا عليه مقالهم من اعتقاد كونها أربابا لهم كما يفصح عنه قولهم : نعبد أصناما فنظل لها عاكفين كأنه قيل : ليس الأمر كذلك .
بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وقيل : هو إضراب عن كونه لاعبا بإقامة البرهان على ما ادعاه ، وضمير "هن" للسموات والأرض وصفه تعالى بإيجادهن إثر وصفه تعالى بربوبيته تعالى لهن تحقيقا للحق وتنبيها على أن ما لا يكون كذلك بمعزل من الربوبية ، أي : أنشأهن بما فيهن من المخلوقات التي من جملتها أنتم وآباؤكم وما تعبدون من غير مثال يحتذيه ولا قانون ينتحيه ، ورجع الضمير إلى التماثيل أدخل في تضليلهم وأظهر في إلزام الحجة عليهم لما فيه من التصريح المغني عن التأمل في كون ما يعبدونه من جملة المخلوقات .
وأنا على ذلكم الذي ذكرته من كون ربكم رب السموات والأرض فقط دون ما عداه كائنا ما كان من الشاهدين أي : العالمين به على سبيل الحقيقة المبرهنين عليه ، فإن الشاهد على الشيء من تحققه وحققه وشهادته على ذلك إدلاؤه بالحجة عليه وإثباته بها كأنه قال : وأنا أبين ذلك وأبرهن عليه .