ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين
ولسليمان الريح أي : وسخرنا له الريح ، وإيراد اللام ههنا دون الأول للدلالة على ما بين التسخيرين من التفاوت ، فإن تسخير ما سخر له عليه السلام من الريح وغيرها كان بطريق الانقياد الكلي له ، والامتثال بأمره ونهيه والمقهورية تحت ملكوته ، وأما تسخير الجبال والطير لداود عليه السلام فلم يكن بهذه المثابة بل بطريق التبعية له عليه السلام والاقتداء به في عبادة الله عز وعلا .
عاصفة حال من الريح ، والعامل فيها الفعل المقدر ، أي : وسخرنا له الريح حال كونها شديدة الهبوب من حيث أنها كانت تبعد بكرسيه في مدة يسيرة من الزمان ، كما قال تعالى : غدوها شهر ورواحها شهر وكانت رخاء في نفسها طيبة ، وقيل : كانت رخاء تارة وعاصفة أخرى حسب إرادته عليه السلام . وقرئ : "الريح" بالرفع على الابتداء والخبر هو الظرف المقدم وعاصفة حينئذ حال من ضمير المبتدأ في الخبر ، والعامل ما فيه من معنى الاستقرار . وقرئ : "الرياح" نصبا ورفعا .
تجري بأمره بمشيئته ، حال ثانية أو بدل من الأولى أو حال من ضميرها . إلى الأرض التي باركنا فيها وهي الشام رواحا بعد ما سار به منه بكرة . قال : كان الكلبي سليمان عليه السلام وقومه يركبون عليها من اصطخر إلى الشام ، وإلى حيث شاء ثم يعود إلى منزله . وكنا بكل شيء عالمين فنجزيه حسبما تقتضيه الحكمة .