إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم
إن الذين كفروا [ ص: 103 ] ويصدون عن سبيل الله ليس المراد به حالا ولا استقبالا ، وإنما هو استمرار الصد ولذلك حسن عطفه على الماضي كما في قوله تعالى : الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله وقيل : هو حال من فاعل "كفروا" أي : وهم يصدون ، وخبر "إن" محذوف لدلالة آخر الآية الكريمة عليه ، فإن من ألحد في الحرم حيث عوقب بالعذاب الأليم ، فلأن يعاقب من جمع إليه الكفر والصد عن سبيل الله بأشد من ذلك أحق وأولى .
والمسجد الحرام عطف على سبيل الله ، قيل : المراد به : مكة بدليل وصفه بقوله تعالى : الذي جعلناه للناس أي : كائنا من كان من غير فرق بين مكي وآفاقي . سواء العاكف فيه والباد أي : المقيم والطارئ ، وسواء أي : مستويا مفعول ثان لجعلناه والعاكف مرتفع به ، واللام متعلق به ظرف له ، وفائدة وصف المسجد الحرام بذلك زيادة تشنيع الصادين عنه . وقرئ : "سواء" بالرفع على أنه خبر مقدم ، والعاكف مبتدأ والجملة مفعول ثان للجعل . وقرئ : العاكف بالجر على أنه بدل من الناس .
ومن يرد فيه مما ترك مفعوله ليتناول كل متناول كأنه قيل : ومن يرد فيه مرادا ما . بإلحاد بعدول عن القصد بظلم بغير حق وهما حالان مترادفان ، أو الثاني بدل من الأول بإعادة الجار أو صلة ، أي : ملحدا بسبب الظلم كالإشراك واقتراف الآثام . نذقه من عذاب أليم جواب لـ "من" .