فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد
وقوله تعالى : فكأين من قرية منصوب بمضمر يفسره قوله تعالى : أهلكناها أي : فأهلكنا كثيرا من القرى بإهلاك أهلها ، والجملة بدل من قوله تعالى : "فكيف كان نكير" ، أو مرفوع على الابتداء وأهلكنا خبره ، أي : فكثير من القرى أهلكناها . وقرئ : "أهلكتها" على وفق قوله تعالى : "فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير" .
وهي ظالمة جملة حالية من مفعول "أهلكنا" . وقوله تعالى : فهي خاوية عطف على "أهلكناها" على "وهي ظالمة" لأنها حال ، والإهلاك ليس في حال خوائها فعلى الأول لا محل له من الإعراب كالمعطوف عليه ، وعلى الثاني في محل الرفع لعطفه على الخبر . والخواء : إما بمعنى السقوط من خوى النجم إذا سقط ، فالمعنى : فهي ساقطة حيطانها .
[ ص: 111 ] على عروشها أي : سقوفها بأن تعطل بنيانها فخرت سقوفها ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف ، وإسناد السقوط على العروش إليها لتنـزيل الحيطان منـزلة كل البنيان لكونها عمدة فيه ، وإما بمعنى الخلو من خوى المنـزل : إذا خلا من أهله ، فالمعنى : فهي خالية مع بقاء عروشها وسلامتها ، فتكون "على" بمعنى "مع" . ويجوز أن يكون "على عروشها" خبرا بعد خبر ، أي : فهي خالية وهي على عروشها ، أي : قائمة مشرفة على عروشها ، على معنى أن السقوف سقطت إلى الأرض وبقيت الحيطان قائمة فهي مشرفة على السقوف الساقطة . وإسناد الإشراف إلى الكل مع كونه حال الحيطان لما مر آنفا .
وبئر معطلة عطف على "قرية" ، أي : وكم بئر عارة في البوادي تركت لا يستقى منها لهلاك أهلها . وقرئ بالتخفيف من أعطله بمعنى : عطله .
وقصر مشيد مرفوع البنيان أو مجصص أخليناه عن ساكنيه ، وهذا يؤيد كون معنى خاوية على عروشها خالية مع بقاء عروشها . وقيل : المراد بالبئر : بئر بسفح جبل بحضرموت ، وبالقصر : قصر مشرف على قلته ، كانا لقوم حنظلة بن صفوان من بقايا قوم صالح ، فلما قتلوه أهلكهم الله تعالى وعطلهما .