[ ص: 120 ] وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير
وإذا تتلى عليهم آياتنا عطف على "يعبدون" وما بينهما اعتراض ، وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار التجددي . بينات أي : حال كونها واضحات الدلالة على العقائد الحقة والأحكام الصادقة ، أو على بطلان ما هم عليه من عبادة الأصنام ، أو على كونها من عند الله عز وجل .
تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر أي : الإنكار كالمكرم بمعنى الإكرام ، أو الفظيع من التجهم والبسور ، أو الشر الذي يقصدونه بظهور مخايله من الأوضاع والهيئات ، وهو الأنسب بقوله تعالى : يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا أي : يثبون ويبطشون بهم من فرط الغيظ والغضب لأباطيل أخذوها تقليدا ، وهل جهالة أعظم وأطم من أن يعبدوا ما لا يوهم صحة عبادته شيء ما أصلا بل يقضي ببطلانها العقل والنقل ويظهروا لمن يهديهم إلى الحق البين بالسلطان المبين مثل هذا المنكر الشنيع ، كلا ولهذا وضع الذين كفروا موضع الضمير .
قل ردا عليهم وإقناطا عما يقصدونه من الإضرار بالمسلمين أفأنبئكم أي : أأخاطبكم فأخبركم بشر من ذلكم الذي فيكم من غيظكم على التالين وسطوتكم بهم ، أو مما تبغونهم من الغوائل ، أو مما أصابكم من الضجر بسبب ما تلوه عليكم .
النار أي : هو النار على أنه جواب لسؤال مقدر ، كأنه قيل : ما هو ؟ وقيل : هو مبتدأ خبره قوله تعالى : وعدها الله الذين كفروا . وقرئ : "النار" بالنصب على الاختصاص ، وبالجر بدلا من "شر" فتكون الجملة الفعلية استئنافا كالوجه الأول ، أو حالا من النار بإضمار قد . وبئس المصير النار .