[ ص: 222 ] nindex.php?page=treesubj&link=28996_28659_32433_33679_34513nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45ألم تر إلى ربك nindex.php?page=treesubj&link=28658بيان لبعض دلائل التوحيد إثر بيان جهالة المعرضين عنها وضلالتهم ، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والهمزة للتقرير ، والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وسلم لتشريفه صلى الله عليه وسلم ، وللإيذان بأن ما يعقبه من اثار ربوبيته ورحمته تعالى ، أي : ألم تنظر إلى بديع صنعه تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45كيف مد الظل أي : كيف أنشأ ظل أي مظل كان من جبل أو بناء أو شجر عند ابتداء طلوع الشمس ممتدا لا أنه تعالى مده بعد أن لم يكن كذلك كما بعد نصف النهار إلى غروبها ، فإن ذلك مع خلوه عن التصريح بكون نفسه بإنشائه تعالى وإحداثه يأباه سياق النظم الكريم ، وأما ما قيل من أن المراد بالظل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس وأنه أطيب الأوقات ، فإن الظلمة الخالصة تنفر عنها الطباع وشعاع الشمس يسخن الجو ويبهر البصر ولذلك وصف به الجنة في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=30وظل ممدود فغير سديد ; إذ لا ريب في أن المراد تنبيه الناس على
nindex.php?page=treesubj&link=33679عظيم قدرة الله عز وجل وبالغ حكمته فيما يشاهدونه ، فلا بد أن يراد بالظل ما يتعارفونه من حالة مخصوصة يشاهدونها في موضع يحول بينه وبين الشمس جسم كثيف مخالفة لما في جوانبه من مواقع ضح الشمس ، وما ذكر وإن كان في الحقيقة ظلا للأفق الشرقي لكنهم لا يعدونه ظلا ولا يصفونه بأوصافه المعهودة ، ولعل توجيه الرؤية إليه سبحانه وتعالى مع أن المراد تقرير رؤيته صلى الله عليه وسلم لكيفية مد الظل للتنبيه على أن نظره صلى الله عليه وسلم غير مقصور على ما يطالعه من الآثار والصنائع ، بل مطمح أنظاره معرفة شئون الصانع المجيد .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45ولو شاء لجعله ساكنا جملة اعترضت بين المعطوفين للتنبيه من أول الأمر على أنه لا مدخل فيما ذكر من المد للأسباب العادية ، وإنما المؤثر فيه المشيئة والقدرة ، ومفعول المشيئة محذوف على القاعدة المستمرة من وقوعها وكون مفعولها مضمون الجزاء ، أي : ولو شاء سكونه لجعله ساكنا ، أي : ثابتا على حاله من الطول والامتداد ، وإنما عبر عن ذلك بالسكون لما أن مقابله الذي هو تغير حاله حسب تغير الأوضاع بين المضل وبين الشمس يرى رأي العين حركة وانتقالا ، وحاصله أنه لا يعتريه اختلاف حال بأن لا تنسخه الشمس ، وأما التعليل بأن يجعل الشمس مقيمة على وضع واحد فمداره الغفول عما سيق له النظم الكريم ونطق به صريحا من
nindex.php?page=treesubj&link=33679بيان كمال قدرته القاهرة وحكمته الباهرة بنسبة جميع الأمور الحادثة إليه تعالى بالذات وإسقاط الأسباب العادية عن رتبة السببية والتأثير بالكلية وقصرها على مجرد الدلالة على وجود المسببات لا بذكر قدرته تعالى على بعض الخوارق كإقامة الشمس في مقام واحد على أنها أعظم من ابقاء الظل على حاله في الدلالة على ما ذكر من كمال القدرة والحكمة لكونه من فروعها ومستتبعاتها فهي أولى وأحق بالإيراد في معرض البيان .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45ثم جعلنا الشمس عليه دليلا عطف على مد داخل في حكمه ، أي : جعلناها علامة يستدل بأحوالها المتغيرة على أحواله من غير أن يكون بينهما سببية وتأثير قطعا حسبما نطق به الشرطية المعترضة ، والالتفات إلى نون العظمة لما في الجعل المذكور العاري عن التأثير مع ما يشاهد بين الشمس والظل من الدوران المطرد المنبئ عن السببية من مزيد دلالة على عظم القدرة ودقة الحكمة وهو السر في إيراد كلمة التراخي .
[ ص: 222 ] nindex.php?page=treesubj&link=28996_28659_32433_33679_34513nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ nindex.php?page=treesubj&link=28658بَيَانٌ لِبَعْضِ دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ إِثْرَ بَيَانِ جَهَالَةِ الْمُعْرِضِينِ عَنْهَا وَضَلَالَتِهِمْ ، وَالْخِطَابُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْهَمْزَةُ لِلتَّقْرِيرِ ، وَالتَّعَرُّضُ لِعُنْوَانِ الربوبية مَعَ الْإِضَافَةِ إِلَى ضَمِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَشْرِيفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلِلْإِيذَانِ بِأَنَّ مَا يَعْقُبُهُ مِنَ اثَارِ رُبُوبِيَّتِهِ وَرَحْمَتِهِ تَعَالَى ، أَيْ : أَلَمْ تَنْظُرْ إِلَى بَدِيعِ صُنْعِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ أَيْ : كَيْفَ أَنْشَأَ ظِلَّ أَيَّ مُظِلٍّ كَانَ مِنْ جَبَلٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ عِنْدَ ابْتِدَاءِ طُلُوعِ الشَّمْسِ مُمْتَدًّا لَا أَنَّهُ تَعَالَى مُدَّهً بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَمَا بَعُدَ نِصْفُ النَّهَارِ إِلَى غُرُوبِهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَعَ خُلُوِّهِ عَنِ التَّصْرِيحِ بِكَوْنِ نَفْسِهِ بِإِنْشَائِهِ تَعَالَى وَإِحْدَاثِهِ يَأْبَاهُ سِيَاقُ النَّظْمِ الْكَرِيمِ ، وَأَمَّا مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالظِّلِّ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَأَنَّهُ أَطْيَبُ الْأَوْقَاتِ ، فَإِنَّ الظُّلْمَةَ الْخَالِصَةَ تَنْفِرُ عَنْهَا الطِّبَاعُ وَشُعَاعُ الشَّمْسِ يُسَخِّنُ الْجَوَّ وَيُبْهِرُ الْبَصَرَ وَلِذَلِكَ وَصَفَ بِهِ الْجَنَّةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=30وَظِلٍّ مَمْدُودٍ فَغَيْرُ سَدِيدٍ ; إِذْ لَا رَيْبَ فِي أَنَّ الْمُرَادَ تَنْبِيهُ النَّاسِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=33679عَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَالِغِ حِكْمَتِهِ فِيمَا يُشَاهِدُونَهُ ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ بِالظِّلِّ مَا يَتَعَارَفُونَهُ مِنْ حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ يُشَاهِدُونَهَا فِي مَوْضِعٍ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ جِسْمٌ كَثِيفٌ مُخَالَفَةً لِمَا فِي جَوَانِبِهِ مِنْ مَوَاقِعِ ضَحِّ الشَّمْسِ ، وَمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ ظِلًّا لِلْأُفُقِ الشَّرْقِيِّ لَكِنَّهُمْ لَا يَعُدُّونَهُ ظِلًّا وَلَا يَصِفُونَهُ بِأَوْصَافِهِ الْمَعْهُودَةِ ، وَلَعَلَّ تَوْجِيهَ الرُّؤْيَةِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ تَقْرِيرُ رُؤْيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكِيفِيَّةِ مَدِّ الظِّلِّ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ نَظَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَقْصُورٍ عَلَى مَا يُطَالِعُهُ مِنَ الْآثَارِ وَالصَّنَائِعِ ، بَلْ مَطْمَحُ أَنْظَارِهِ مَعْرِفَةُ شُئُونِ الصَّانِعِ الْمُجِيدِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا جُمْلَةٌ اعْتُرِضَتْ بَيْنَ الْمَعْطُوفَيْنِ لِلتَّنْبِيهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ فِيمَا ذُكِرَ مِنَ الْمَدِّ لِلْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ ، وَإِنَّمَا الْمُؤَثِّرُ فِيهِ الْمَشِيئَةُ وَالْقُدْرَةُ ، وَمَفْعُولُ الْمَشِيئَةِ مَحْذُوفٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ مِنْ وُقُوعِهَا وَكَوْنِ مَفْعُولِهَا مَضْمُونَ الْجَزَاءِ ، أَيْ : وَلَوْ شَاءَ سُكُونَهُ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ، أَيْ : ثَابِتًا عَلَى حَالِهِ مِنَ الطُّولِ وَالِامْتِدَادِ ، وَإِنَّمَا عِبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالسُّكُونِ لِمَا أَنَّ مُقَابِلَهُ الَّذِي هُوَ تَغَيُّرُ حَالِهِ حَسَبَ تَغَيُّرِ الْأَوْضَاعِ بَيْنَ الْمُضِلِّ وَبَيْنَ الشَّمْسِ يُرَى رَأْيَ الْعَيْنِ حَرَكَةً وَانْتِقَالًا ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَعْتَرِيهِ اخْتِلَافُ حَالٍ بِأَنْ لَا تَنْسَخُهُ الشَّمْسُ ، وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِأَنْ يَجْعَلَ الشَّمْسَ مُقِيمَةً عَلَى وَضْعٍ وَاحِدٍ فَمَدَارُهُ الْغُفُولُ عَمَّا سِيقَ لَهُ النَّظْمُ الْكَرِيمُ وَنُطِقَ بِهِ صَرِيحًا مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=33679بَيَانِ كَمَالِ قدرته الْقَاهِرَةِ وَحِكْمَتِهِ الْبَاهِرَةِ بِنِسْبَةِ جَمِيعِ الْأُمُورِ الْحَادِثَةِ إِلَيْهِ تَعَالَى بِالذَّاتِ وَإِسْقَاطِ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ عَنْ رُتْبَةِ السَّبَبِيَّةِ وَالتَّأْثِيرِ بِالْكُلِّيَّةِ وَقَصْرِهَا عَلَى مُجَرَّدِ الدَّلَالَةِ عَلَى وُجُودِ الْمُسَبِّبَاتِ لَا بِذِكْرِ قدرته تعالى عَلَى بَعْضِ الْخَوَارِقِ كَإِقَامَةِ الشَّمْسِ فِي مُقَامٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّهَا أَعْظَمُ مِنَ اِبْقَاءِ الظِّلِّ عَلَى حَالِهِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ كَمَالِ الْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ لِكَوْنِهِ مِنْ فُرُوعِهَا وَمُسْتَتْبَعَاتِهَا فَهِيَ أَوْلَى وَأَحَقُّ بِالْإِيرَادِ فِي مَعْرِضِ الْبَيَانِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=45ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا عَطْفٌ عَلَى مَدَّ دَاخِلٌ فِي حُكْمِهِ ، أَيْ : جَعَلْنَاهَا عَلَامَةً يُسْتَدَلُّ بِأَحْوَالِهَا الْمُتَغَيِّرَةِ عَلَى أَحْوَالِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا سَبَبِيَّةٌ وَتَأْثِيرٌ قَطْعًا حَسَبَمَا نَطَقَ بِهِ الشَّرْطِيَّةُ الْمُعْتَرِضَةً ، وَالِالْتِفَاتُ إِلَى نُونِ الْعَظَمَةِ لِمَا فِي الْجَعْلِ الْمَذْكُورِ الْعَارِي عَنِ التَّأْثِيرِ مَعَ مَا يُشَاهِدُ بَيْنَ الشَّمْسِ وَالظِّلِّ مِنَ الدَّوَرَانِ الْمُطَّرِدِ الْمُنْبِئِ عَنِ السَّبَبِيَّةِ مِنْ مَزِيدِ دَلَالَةٍ عَلَى عِظَمِ الْقُدْرَةِ وَدِقَّةِ الْحِكْمَةِ وَهُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِ كَلِمَةِ التَّرَاخِي .