وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا
وهو الذي أرسل الرياح وقرئ بالتوحيد على أن المراد هو الجنس . بشرا تخفيف بشر جمع بشور ، أي : مبشرين . وقرئ : "بشرى" ، وقرئ : "نشرا" بالنون جمع نشور ، أي : ناشرات للسحاب ، وقرئ بالتخفيف وبفتح النون أيضا على أنه مصدر [ ص: 224 ]
وصف به مبالغة .
وقوله تعالى : بين يدي رحمته استعارة بديعة ، أي : قدام المطر ، والالتفات إلى نون العظمة في قوله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء طهورا لإبراز كمال العناية بالإيزال لأنه نتيجة ما ذكر من ارسال الرياح ، أي : أنزلنا بعظمتنا بما رتبنا من ارسال الرياح من جهة الفوق ماء بليغا في الطهارة ، وما قيل إنه ما يكون طاهرا في نفسه ومطهرا لغيره فهو شرح لبلاغته في الطهارة كما ينبئ عنه قوله تعالى : وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم فإن الطهور في العربية إما صفة كما تقول : ماء طهور ، أو اسم كما في قوله صلى الله عليه وسلم : وقد جاء بمعنى الطهارة كما في قولك : تطهرت طهورا حسنا كقولك وضوءا حسنا ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : "التراب طهور المؤمن" ، ووصف الماء به إشعار بتمام النعمة فيه ، وتتميم للنعمة فيما بعده فإن الماء الطهور أهنأ وأنفع مما خالطه ما يزيل طهوريته ، وتنبيه على أن ظواهرهم لما كانت مما ينبغي أن يطهروها فبواطنهم أحق بذلك وأولى . "لا صلاة إلا بطهور"