الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا

                                                                                                                                                                                                                                      وهو الذي أرسل الرياح وقرئ بالتوحيد على أن المراد هو الجنس . بشرا تخفيف بشر جمع بشور ، أي : مبشرين . وقرئ : "بشرى" ، وقرئ : "نشرا" بالنون جمع نشور ، أي : ناشرات للسحاب ، وقرئ بالتخفيف وبفتح النون أيضا على أنه مصدر [ ص: 224 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وصف به مبالغة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : بين يدي رحمته استعارة بديعة ، أي : قدام المطر ، والالتفات إلى نون العظمة في قوله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء طهورا لإبراز كمال العناية بالإيزال لأنه نتيجة ما ذكر من ارسال الرياح ، أي : أنزلنا بعظمتنا بما رتبنا من ارسال الرياح من جهة الفوق ماء بليغا في الطهارة ، وما قيل إنه ما يكون طاهرا في نفسه ومطهرا لغيره فهو شرح لبلاغته في الطهارة كما ينبئ عنه قوله تعالى : وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم فإن الطهور في العربية إما صفة كما تقول : ماء طهور ، أو اسم كما في قوله صلى الله عليه وسلم : "التراب طهور المؤمن" وقد جاء بمعنى الطهارة كما في قولك : تطهرت طهورا حسنا كقولك وضوءا حسنا ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : "لا صلاة إلا بطهور" ، ووصف الماء به إشعار بتمام النعمة فيه ، وتتميم للنعمة فيما بعده فإن الماء الطهور أهنأ وأنفع مما خالطه ما يزيل طهوريته ، وتنبيه على أن ظواهرهم لما كانت مما ينبغي أن يطهروها فبواطنهم أحق بذلك وأولى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية