قال أولو جئتك بشيء مبين
قال أولو جئتك بشيء مبين أي : أتفعل بي ذلك ولو جئتك بشيء مبين ، أي موضح لصدق دعواي ، يريد به : المعجزة ، فإنها جامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته وبين الدلالة على صدق دعوى من ظهرت على يده ، والتعيير عنها بالشيء للتهويل . قالوا : الواو في "أولو جئتك" للحال دخلت عليها همزة الاستفهام ، أي : جائيا بشيء مبين وقد سلف منا مرارا أنها للعطف ، وأن كلمة "لو" ليست لانتفاء الشيء في الزمان الماضي لانتفاء غيره فيه فلا يلاحظ لها جواب قد حذف تعويلا على دلالة ما قبلها عليه ملاحظة قصدية إلا عند القصد إلى بيان الإعراب على القواعد الصناعية بل هي لبيان تحقق ما يفيده الكلام السابق من حكم الموجب أو المنفي على كل حال مفروض من الأحوال المقارنة له على الإجمالي بإدخالها على أبعدها منه وأشدها منافاة له ليظهر [ ص: 241 ]
بثبوته أو انتفائه معه ثبوته أو انتفاؤه مع ما عداه من الأحوال بطريق الأولوية لما أن الشيء متى تحقق مع المنافي القوي فلأن يتحقق مع غيره أولى ، لذلك لا يذكر معه شيء من سائر الأحوال ويكتفى عنه بذكر العاطف للجملة على نظيرتها المقابلة لها الشاملة لجميع الأحوال المغايرة لها عند تعددها ليظهر ما ذكر من تحقق الحكم على جميع الأحوال ، فإنك إذا قلت : فلان جواد يعطي ولو كان فقيرا ، تريد بيان تحقق الإعطاء منه على كل حال من أحواله المفروضة فتعلق الحكم بأبعدها منه ليظهر بتحققه معه تحققه مع ما عداه من الأحوال التي لا منافاة بينها وبين الحكم بطريق الأولوية المصححة للاكتفاء بذكر العاطف عن تفصيلها ، كأنك قلت : فلان جواد يعطي لو لم يكن فقيرا ولو كان فقيرا ، أي : يعطي حال كونه غنيا وحال كونه فقيرا ، فالحال في الحقيقة كلتا الجملتين المتعاطفتين لا المذكورة على أن الواو للحال ، وتصدير المجيء بما ذكر من كلمة "لو" دون أن ليس لبيان استبعاده في نفسه بل بالنسبة إلى فرعون ، والمعنى : أتفعل بي ذلك حال عدم مجيئي بشيء مبين وحال مجيئي به .