nindex.php?page=treesubj&link=28974_29723_31979_31981_33679_34092_34104_34513nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون
"قالت" استئناف مبني على السؤال، كأنه قيل: فماذا قالت
مريم حين قالت لها الملائكة ما قالت؟ فقيل: قالت متضرعة إلى ربها:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47رب أنى يكون أي: كيف يكون أو من أين يكون؟!
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47لي ولد على وجه الاستبعاد العادي والتعجب واستعظام قدرة الله عز وجل. وقيل: على وجه الاستفهام والاستفسار بأنه بالتزوج أو بغيره و "يكون" إما تامة و "أنى" و "اللام" متعلقتان بها، وتأخير الفاعل عن الجار والمجرور لما مر من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر، ويجوز أن تتعلق اللام بمحذوف وقع حالا من "ولد" إذ لو تأخر لكان صفة له، وإما ناقصة واسمها "ولد" وخبرها إما "أنى" و "اللام" متعلقة بمضمر وقع حالا كما مر، أو خبر و "أنى" نصب على الظرفية. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47ولم يمسسني بشر جملة حالية محققة للاستبعاد، أي: و الحال أني على حالة منافية للولادة. "قال" استئناف كما سلف، والقائل هو الله تعالى أو
جبريل عليه الصلاة والسلام.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47كذلك الله يخلق ما يشاء الكلام في إعرابه كما مر في قصة
زكريا بعينه، خلا أن إيراد "يخلق" ههنا مكان "يفعل" هناك لما أن ولادة العذراء من غير أن يمسها بشر أبدع وأغرب من ولادة عجوز عاقر من شيخ فان، فكان الخلق المنبئ عن الاختراع أنسب بهذا المقام من مطلق الفعل، ولذلك عقب ببيان كيفيته فقيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47إذا قضى أمرا من الأمور، أي: أراد شيئا كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إنما أمره إذا أراد شيئا وأصل القضاء: الإحكام، أطلق على الإرادة الإلهية القطعية المتعلقة بوجود الشيء لإيجابها إياه
[ ص: 38 ] البتة، وقيل: الأمر، ومنه قوله تعالى: وقضى ربك
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47فإنما يقول له كن لا غير.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47فيكون من غير ريث، وهو كما ترى تمثيل لكمال قدرته تعالى وسهولة تأتي المقدورات حسبما تقتضيه مشيئته وتصوير لسرعة حدوثها بما هو علم فيها من طاعة المأمور المطيع للآمر القوي المطاع، وبيان لأنه تعالى كما يقدر على خلق الأشياء مدرجا بأسباب ومواد معتادة يقدر على خلقها دفعة من غير حاجة إلى شيء من الأسباب والمواد.
nindex.php?page=treesubj&link=28974_29723_31979_31981_33679_34092_34104_34513nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
"قَالَتْ" اسْتِئْنَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّؤَالِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا قَالَتْ
مَرْيَمُ حِينَ قَالَتْ لَهَا الْمَلَائِكَةُ مَا قَالَتْ؟ فَقِيلَ: قَالَتْ مُتَضَرِّعَةً إِلَى رَبِّهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47رَبِّ أَنَّى يَكُونُ أَيْ: كَيْفَ يَكُونُ أَوْ مِنْ أَيْنَ يَكُونُ؟!
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47لِي وَلَدٌ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِبْعَادِ الْعَادِيِّ وَالتَّعَجُّبِ وَاسْتِعْظَامِ قُدْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقِيلَ: عَلَى وَجْهِ الِاسْتِفْهَامِ وَالِاسْتِفْسَارِ بِأَنَّهُ بِالتَّزَوُّجِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَ "يَكُونُ" إِمَّا تَامَّةٌ وَ "أَنَّى" وَ "اللَّامُ" مُتَعَلِّقَتَانِ بِهَا، وَتَأْخِيرُ الْفَاعِلِ عَنِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ لِمَا مَرَّ مِنَ الْاعْتِنَاءِ بِالْمُقَدَّمِ وَالتَّشْوِيقِ إِلَى الْمُؤَخَّرِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ اللَّامُ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ حَالَاً مِنْ "وَلَدٌ" إِذْ لَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ صِفَةً لَهُ، وَإِمَّا نَاقِصَةٌ وَاسْمُهَا "وَلَدٌ" وَخَبَرُهَا إِمَّا "أَنَّى" وَ "اللَّامُ" مُتَعَلِّقَةٌ بِمُضْمَرٍ وَقَعَ حَالَاً كَمَا مَرَّ، أَوْ خَبَرٌ وَ "أَنَّى" نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُحَقِّقَةٌ لِلِاسْتِبْعَادِ، أَيْ: وَ الْحَالُ أَنِّي عَلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلْوِلَادَةِ. "قَالَ" اسْتِئْنَافٌ كَمَا سَلَفَ، وَالْقَائِلُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ الْكَلَامُ فِي إِعْرَابِهِ كَمَا مَرَّ فِي قِصَّةِ
زَكَرِيَّا بِعَيْنِهِ، خَلَا أَنَّ إِيرَادَ "يَخْلُقُ" هَهُنَا مَكَانَ "يَفْعَلُ" هُنَاكَ لِمَا أَنَّ وِلَادَةَ الْعَذْرَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ أَبْدَعُ وَأَغْرَبُ مِنْ وِلَادَةِ عَجُوزٍ عَاقِرٍ مِنْ شَيْخٍ فَانٍ، فَكَانَ الْخَلْقُ الْمُنْبِئُ عَنِ الْاخْتِرَاعِ أَنْسَبَ بِهَذَا الْمَقَامِ مِنْ مُطْلَقِ الْفِعْلِ، وَلِذَلِكَ عَقَّبَ بِبَيَانِ كَيْفِيَّتِهِ فَقِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47إِذَا قَضَى أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ، أَيْ: أَرَادَ شَيْئَاً كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا وَأَصْلُ الْقَضَاءِ: الْإِحْكَامُ، أُطْلِقَ عَلَى الْإِرَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ الْقَطْعِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِوُجُودِ الشَّيْءِ لِإِيجَابِهَا إِيَّاهُ
[ ص: 38 ] الْبَتَّةَ، وَقِيلَ: الْأَمْرُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَضَى رَبُّكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ لَا غَيْرَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47فَيَكُونُ مِنْ غَيْرِ رَيْثٍ، وَهُوَ كَمَا تَرَى تَمْثِيلٌ لِكَمَالِ قدرته تعالى وَسُهُولَةِ تَأَتِّي الْمَقْدُورَاتِ حَسْبَمَا تَقْتَضِيهِ مَشِيئَتُهُ وَتَصْوِيرٌ لِسُرْعَةِ حُدُوثِهَا بِمَا هُوَ عُلِمَ فِيهَا مِنْ طَاعَةِ الْمَأْمُورِ الْمُطِيعِ لِلْآمِرِ الْقَوِيِّ الْمُطَاعِ، وَبَيَانٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى كَمَا يَقْدِرُ عَلَى خَلْقِ الْأَشْيَاءِ مُدْرِجَاً بِأَسْبَابٍ وَمَوَادَّ مُعْتَادَةٍ يَقْدِرُ عَلَى خَلْقِهَا دَفْعَةً مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَسْبَابِ وَالْمَوَادِّ.