عذرا أو نذرا
عذرا للمحقين أو نذرا للمبطلين ولعل تقديم نشر الشرائع ونشر النفوس والفرق على الإلقاء؛ للإيذان بكونها غاية للإلقاء حقيقة بالاعتناء بها، أو للإشعار بأن كلا من الأوصاف المذكورة مستقل بالدلالة على استحقاق الطوائف الموصوفة بها التفخيم والإجلال بالإقسام بهن، ولو جئ بها على ترتيب الوقوع لربما فهم أن مجموع الإلقاء والنشر والفرق هو الموجب لما ذكر من الأستحقاق، أو إقسام برياح عذاب أرسلهن فعصفن وبرياح رحمة نشرن السحاب في الجو ففرقن بينه، كقوله تعالى: ويجعله كسفا أو بسحائب نشرن الموات ففرقن كل صنف منها عن سائر الأصناف بالشكل واللون وسائر الخواص، أو فرقن بين من يشكر الله تعالى وبين من يكفر به فألقين ذكرا، أما عذرا للمعتذرين إلى الله تعالى بتوبتهم واستغفارهم عن مشاهدتهم [ ص: 78 ] لآثار رحمته تعالى في الغيث ويشكرونها، وإما إنذارا للذين يكفرونها وينسبونها إلى الأنواء، وإسناد إلقاء الذكر إليهن؛ لكونهن سببا في حصوله إذا شكرت النعمة فيهن، أو كفرت، أو فعصفن سائر الكتب بالنسخ، ونشرن آثار الهدى من مشارق الأرض ومغاربها، وفرقن بين الحق والباطل فألقين ذكر الحق في أكناف العالمين، و"العرف" إما نقيض النكر وانتصابه على العلة، أي: أرسلنا للإحسان والمعروف، فإن إرسال ملائكة العذاب معروف للأنبياء عليهم السلام والمؤمنين، أو بمعنى المتابعة من عرف الفرس، وانتصابه على الحالية و"العذر والنذر" مصدران من "عذر" إذا محا الإساءة، ومن "أنذر" إذا خوف، وانتصابهما على البدلية من "ذكرا"، أو على العلية، وقرئا: بالتثقيل. إقسام بآيات القرآن المرسلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم