وجعلنا سراجا وهاجا
وجعلنا سراجا وهاجا هذا الجعل بمعنى الإنشاء والإبداع كالخلق خلا أنه مختص بالإنشاء التكويني، وفيه معنى التقدير والتسوية وهذا عام له كما في الآية الكريمة، وللتشريعي أيضا كما في قوله تعالى: ما جعل الله من بحيرة ... إلخ. وقوله تعالى: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا وأيا ما كان ففيه إنباء عن ملابسة مفعوله بشيء آخر بأن يكون فيه، أو له، أو منه، أو نحو ذلك ملابسة مصححة; لأن يتوسط بينهما شيء من الظروف لغوا كان، أو مستقرا، لكن لا على أن يكون عمدة في الكلام، بل قيدا فيه كما في قوله تعالى: وجعل بينهما برزخا وقوله تعالى: وجعل فيها رواسي وقوله تعالى: واجعل لنا من لدنك وليا الآية. فإن كل واحد من هذه الظروف، إما متعلق بنفس الجعل، أو بمحذوف وقع حالأ من مفعوله تقدمت عليه لكونه نكرة أيا ما كان فهو قيد في الكلام حتى إذا اقتضى الحال وقوعه عمدة فيه يكون الجعل متعديا إلى اثنين هو ثانيهما، كما في قوله تعالى: يجعلون أصابعهم في آذانهم وربما يشتبه الأمر فيظن أنه عمدة فيه، وهو في الحقيقة قيد بأحد الوجهين، كما سلف في قوله تعالى: إني جاعل في الأرض خليفة والوهاج الوقاد المتلألئ من وهجت النار إذا أضاءت، أو البالغ في الحرارة من الوهج، والمراد به: الشمس، والتعبير عنها بالسراج من روادف التعبير عن خلق السماوات بالبناء.