فأراه الآية الكبرى
فأراه الآية الكبرى فصيحة تفصح عن جمل قد طويت تعويلا على تفصيلها في السور الأخرى، فإنه عليه الصلاة والسلام ما أراه إياها عيب هذا الأمر، بل بعد ما جرى بينه وبين الله تعالى ما جرى من الأستدعاء والإجابة وغيرهما من المراجعات، وبعد ما جرى بينه وبين فرعون ما جرى من المحاورات إلى أن قال: إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين والإراءة إما بمعنى التبصير أو التعريف، فإن اللعين حين أبصرها عرفها، وادعاء سحريتها إنما كان إراءة منه وإظهارا للتجلد، ونسبتها إليه عليه الصلاة والسلام بالنظر إلى الظاهر، كما أن نسبتها إلى نون العظمة في قوله تعالى: ولقد أريناه آياتنا بالنظر [ ص: 100 ] إلى الحقيقة، والمراد بالآية الكبرى: قلب العصا حية، وهو قول رضي الله عنهما، فإنها كانت المقدمة والأصل والأخرى كالتبع لها أو هما جميعا، وهو قول ابن عباس فإنهما كالآية الواحدة، وقد عبر عنهما بصيغة الجمع حيث قال: اذهب أنت وأخوك بآياتي باعتبار ما في تضاعيفهما من بدائع الأمور التي كل منها آية بينة لقوم يعقلون كما في سورة طه، ولا مساغ لحملها على مجموع معجزاته، فإن ما عدا هاتين الآيتين من الآيات التسع، إنما ظهرت على يده عليه الصلاة والسلام بعد ما غلب السحرة على مهل في نحو من عشرين سنة كما مر في سورة الأعراف، ولا ريب في أن هذا مطلع القصة وأمر السحرة مترقب بعد. مجاهد،