لكم دينكم ولي دين
وقوله تعالى: لكم دينكم تقرير لقوله تعالى: لا أعبد ما تعبدون . وقوله تعالى: ولا أنا عابد ما عبدتم كما أن قوله تعالى: ولي دين تقرير لقوله تعالى: ولا أنتم عابدون ما أعبد والمعنى: أن دينكم الذي هو الإشراك مقصور على الحصول لكم، لا يتجاوزه إلى الحصول لي أيضا كما تطمعون فيه، فلا تعلقوا به أمانيكم الفارغة فإن ذلك من المحالأت، وإن ديني الذي هو التوحيد مقصور على الحصول لي لا يتجاوزه إلى الحصول لكم أيضا؛ لأنكم علقتموه بالمحال الذي هو عبادتي لآلهتكم، أو استلامي إياها؛ ولأن ما وعدتموه عين الإشراك، وحيث كان مبنى قولهم: تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة على شركة الفريقين في كلتا العبادتين، كان القصر المستفاد من تقديم المسند قصر إفراد حتما، ويجوز أن يكون هذا تقريرا لقوله تعالى: ولا أنا عابد ما عبدتم أي: ولي ديني لا دينكم كما هو في قوله تعالى: ولكم ما كسبتم . وقيل: المعنى: إني نبي مبعوث إليكم لأدعوكم إلى الحق والنجاة، فإذا لم تقبلوا مني ولم تتبعوني؛ فدعوني كفافا ولا تدعوني إلى الشرك فتأمل. عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ من سورة الكافرون فكأنما قرأ ربع القرآن، وتباعدت عنه مردة الشياطين، وبرئ من الشرك، وتعافى من الفزع الأكبر".