فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا
فسبح بحمد ربك فقل سبحان الله حامدا له، أو فتعجب لتيسير الله تعالى ما لم يخطر ببال أحد من أن يغلب أحد على أهل حرمه المحترم، واحمده على جميل صنعه، هذا على الرواية الأولى ظاهر، وأما على الثانية فلعله عليه السلام أمر بأن يداوم على ذلك استعظاما لنعمه لا بإحداث التعجب لما ذكر، فإنه إنما يناسب حالة الفتح أو فاذكره مسبحا حامدا؛ زيادة في عبادته والثناء عليه لزيادة إنعامه عليك، أو فصل له حامدا على نعمه. روي أنه لما فتح باب الكعبة صلى صلاة الضحى ثمان ركعات، أو فنزهه عما يقوله الظلمة حامدا له على أن صدق وعده، أو فأثن على الله تعالى بصفات الجلال حامدا له على صفات الإكرام واستغفره هضما لنفسك، واستقصارا لعملك، واستعظاما لحقوق الله تعالى، واستدراكا لما فرط منك من ترك الأولى. عن رضي الله عنها عائشة وعنه عليه السلام أنه كان عليه الصلاة والسلام يكثر قبل موته أن يقول: "سبحانك اللهم وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك"،وروي "إني لأستغفر في اليوم والليلة مائة مرة"، أنه لما قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه استبشروا وبكى فقال عليه السلام: ما يبكيك يا عم؟ فقال: نعيت إليك نفسك، قال عليه السلام: إنها لكما تقول، فلم ير عليه السلام بعد ذلك ضاحكا مستبشرا. العباس وقيل: إن هو الذي قال ذلك، فقال عليه السلام: ابن عباس لقد أوتي هذا الغلام علما كثيرا، ولعل ذلك للدلالة على تمام أمر الدعوة، وتكامل أمر الدين كقوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وروي أنها لما نزلت رضي الله عنه فقال: فديناك بأنفسنا وآبائنا وأولادنا، أبو بكر وعنه عليه السلام خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن عبدا خيره الله تعالى بين الدنيا وبين لقائه، فاختار لقاء الله تعالى فعلم رضي الله عنها فقال: يا بنتاه إنه نعيت إلي نفسي، فبكت فقال: لا تبكي، فإنك أول أهلي لحوقا بي، فاطمة وعن أنه دعا رضي الله عنه أن هذه السورة تسمى سورة التوديع، وقيل: هو أمر بالأستغفار لأمته، ابن مسعود إنه كان توابا منذ خلق المكلفين أي: مبالغا في قبول توبتهم، فليكن كل تائب مستغفر متوقعا للقبول.
عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة النصر أعطي من الأجر كمن شهد مع محمد يوم فتح مكة ".