قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم
قل أمر له عليه الصلاة والسلام بإلزامهم وتبكيتهم إثر تعجيبه من أحوالهم .
أتعبدون من دون الله ; أي : متجاوزين إياه ، وتقديمه على قوله تعالى : ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا لما مر مرارا من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ، والموصول عبارة عن عيسى عليه السلام ، وإيثاره على كلمة " من " ، لتحقيق ما هو المراد من كونه بمعزل من الألوهية رأسا ، ببيان انتظامه عليه السلام في سلك الأشياء التي لا قدرة لها على شيء أصلا ، وهو عليه السلام وإن كان يملك ذلك بتمليكه تعالى إياه ، لكنه لا يملكه من ذاته ، ولا يملك مثل ما يضر به الله تعالى من البلايا والمصائب ، وما ينفع به من الصحة .
وتقديم الضرر على النفع ; لأن التحرز عنه أهم من تحري النفع ، ولأن أدنى درجات التأثير دفع الشر ، ثم جلب الخير .
وقوله تعالى : والله هو السميع العليم حال من فاعل " أتعبدون " ، مؤكد للإنكار والتوبيخ ، ومقرر للإلزام والتبكيت ، والرابط هو الواو ; أي : أتشركون بالله تعالى ما لا يقدر على شيء من ضركم ونفعكم ، والحال أن الله تعالى هو المختص بالإحاطة التامة بجميع المسموعات ، والمعلومات التي من جملتها ما أنتم عليه من الأقوال الباطلة ، والعقائد الزائغة ، والأعمال السيئة ، وبالقدرة الباهرة على جميع المقدورات التي من جملتها مضاركم ومنافعكم في الدنيا والآخرة .