وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين
وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول عطف على " لا يستكبرون " ; أي : ذلك بسبب أنهم لا يستكبرون ، وأن أعينهم تفيض من الدمع عند سماع القرآن ، وهو بيان لرقة قلوبهم وشدة خشيتهم ، ومسارعتهم إلى قبول الحق وعدم إبائهم إياه .
ترى أعينهم تفيض من الدمع ; أي : تمتلئ بالدمع ، فاستعير له الفيض الذي هو الانصباب عن امتلاء مبالغة ، أو جعلت أعينهم من فرط البكاء كأنها تفيض بأنفسها .
مما عرفوا من الحق " من " الأولى لابتداء الغاية ، والثانية لتبيين الموصول ; أي : ابتدأ الفيض ونشأ من معرفة الحق ، وحصل من أجله وبسببه ، ويحتمل أن تكون الثانية تبعيضية ; لأن ما عرفوه بعض الحق ، وحيث أبكاهم ذلك ، فما ظنك بهم لو عرفوا كله ، وقرءوا القرآن ، وأحاطوا بالسنة . وقرئ : ( ترى أعينهم ) على صيغة المبني للمفعول .
يقولون استئناف مبني على سؤال نشأ من حكاية حالهم عند سماع القرآن ، كأنه قيل : ماذا يقولون ؟ فقيل : يقولون .
ربنا آمنا بهذا ، أو بمن أنزل هذا عليه ، أو بهما . وقيل : حال من الضمير في " عرفوا " ، أو من الضمير المجرور في " أعينهم " ، لما أن المضاف جزؤه ، كما في قوله تعالى : ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا .
فاكتبنا مع الشاهدين ; أي : الذين شهدوا بأنه حق ، أو بنبوته ، أو مع أمته الذين هم شهداء على الأمم يوم القيامة ، وإنما قالوا ذلك ; لأنهم وجدوا ذكرهم في الإنجيل كذلك .