الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين

                                                                                                                                                                                                                                      قل سيروا في الأرض بعد بيان ما فعلت الأمم الخالية وما فعل بهم ، خوطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنذار قومه وتذكيرهم بأحوالهم الفظيعة ; تحذيرا لهم عما هم عليه ، وتكملة للتسلية بما في ضمنه من العدة اللطيفة بأنه سيحيق بهم مثل ما حاق بأضرابهم الأولين ، ولقد أنجز ذلك يوم بدر أي إنجاز ; أي : سيروا في الأرض لتعرف أحوال أولئك الأمم .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم انظروا ; أي : تفكروا .

                                                                                                                                                                                                                                      كيف كان عاقبة المكذبين وكلمة " ثم " إما لأن النظر في آثار الهالكين لا يتسنى إلا بعد انتهاء السير إلى أماكنهم ، وإما لإبانة ما بينهما من التفاوت في مراتب الوجوب ، وهو الأظهر ; فإن وجوب السير ليس إلا لكونه وسيلة إلى النظر ، كما يفصح عنه العطف بالفاء في قوله عز وجل : "فانظروا" ... الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما أن الأمر الأول لإباحة السير للتجارة ونحوها ، والثاني لإيجاب النظر في آثارهم ، و" ثم " لتباعد ما بين الواجب والمباح فلا يناسب المقام .

                                                                                                                                                                                                                                      و" كيف " معلقة لفعل النظر ، ومحل الجملة النصب بنزع الخافض ; أي : تفكروا في أنهم كيف أهلكوا بعذاب الاستئصال ، والعاقبة مصد كالعافية ونظائرها ، وهي منتهى الأمر ومآله ، ووضع المكذبين موضع المستهزئين لتحقيق أن مدار إصابة ما أصابهم هو التكذيب ; لينزجر السامعون عنه لا عن الاستهزاء فقط ، مع بقاء التكذيب بحاله بناء على توهم أنه المدار في ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية