وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم
وقالوا حكاية لفن آخر من فنون كفرهم .
ما في بطون هذه الأنعام يعنون به : أجنة البحائر والسوائب .
خالصة لذكورنا حلال لهم خاصة ، والتاء للنقل إلى الاسمية أو للمبالغة ، أو لأن الخالصة مصدر كالعافية وقع موقع الخالص مبالغة ، أو بحذف المضاد ; أي : ذو خالصة ، أو للتأنيث بناء على أن ما عبارة عن الأجنة .
والتذكير في قوله تعالى : ومحرم على أزواجنا ; أي : جنس أزواجنا ، وهن الإناث باعتبار اللفظ ، وفيه كما ترى حمل للنظم الكريم على خلاف المعهود ، الذي هو الحمل على اللفظ أولا وعلى المعنى ثانيا ، كما في قوله تعالى : ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم ... إلخ ونظائره .
وإما العكس ، فقد [ ص: 191 ] قالوا : إنه لا نظير له في القرآن ، وهذا الحكم منهم إن ولد ذلك حيا ، وهو الظاهر المعتاد .
وإن يكن ميتة ; أي : إن ولدت ميتة .
فهم ; أي : الذكور والإناث .
فيه ; أي : فيما في بطون الأنعام . وقيل : المراد بالميتة : ما يعم الذكر والأنثى ، فغلب الأول على الثاني .
شركاء يأكلون منه جميعا ، وقرئ : ( خالصة ) بالنصب على أنه مصدر مؤكد ، والخبر لذكورنا ، أو حال من الضمير الذي في الظرف ، لا من الذي في ذكورنا ، ولا من الذكور ; لأنه لا يتقدم على العامل المعنوي ، ولا على صاحبه المجرور ، وقرئ : ( خالصه ) بالرفع والإضافة إلى الضمير على أنه بدل من " ما " ، أو مبتدأ ثان .
سيجزيهم وصفهم ; أي : جزاء وصفهم الكذب على الله تعالى في أمر التحليل والتحريم من قوله تعالى : وتصف ألسنتهم الكذب .
إنه حكيم عليم تعليل للوعيد بالجزاء ، فإن الحكيم العليم بما صدر عنهم لا يكاد يترك جزاءهم الذي هو من مقتضيات الحكمة .