الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين

                                                                                                                                                                                                                                      فوسوس لهما الشيطان ; أي : فعل الوسوسة لأجلهما ، أو تكلم لهما كلاما خفيا متداركا متكررا ، وهي في الأصل : الصوت الخفي ، كالهيمنة والخشخشة ، ومنه : وسوس الحلي ، وقد سبق بيان كيفية وسوسته في سورة البقرة .

                                                                                                                                                                                                                                      ليبدي لهما ; أي : ليظهر لهما ، واللام للعاقبة ، أو للغرض على أنه أراد بوسوسته : أن يسوءهما بانكشاف عورتيهما ، ولذلك عبر عنهما بالسوأة ، وفيه دليل على أن كشف العورة في الخلوة وعند الزوج من غير حاجة قبيح مستهجن في الطباع .

                                                                                                                                                                                                                                      ما ووري عنهما من سوآتهما ما غطي وستر عنهما من عوراتهما ، وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر ، وإنما لم تقلب الواو المضمومة همزة في المشهورة ، كما قلبت في " أويصل " تصغير واصل ; لأن الثانية مدة . وقرئ : ( سواتهما ) بحذف الهمزة وإلقاء حركاتها على الواو ، وبقلبها واوا وإدغام الواو الساكنة فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عطف على وسوس بطريق البيان .

                                                                                                                                                                                                                                      ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة ; أي : عن أكلها .

                                                                                                                                                                                                                                      إلا أن تكونا ملكين ; أي : إلا كراهة أن تكونا ملكين .

                                                                                                                                                                                                                                      أو تكونا من الخالدين الذين لا يموتون ، أو يخلدون في الجنة ، وليس فيه دلالة على أفضلية الملائكة عليهم السلام ، لما أن من المعلوم أن الحقائق لا تنقلب ، وإنما كانت رغبتهما في أن يحصل لهما أوصاف الملائكة من الكمالات الفطرية ، والاستغناء عن الأطعمة والأشربة ، وذلك بمعزل من الدلالة على الأفضلية بالمعنى المتنازع فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية