الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون
(11-13) يخبر تعالى أنه المتفرد بإبداء المخلوقات ثم يعيدهم ثم إليه يرجعون بعد إعادتهم ليجازيهم بأعمالهم، ولهذا ذكر جزاء أهل الشر ثم جزاء أهل الخير فقال: ويوم تقوم الساعة ويقوم الناس لرب العالمين ويرون القيامة عيانا، يومئذ يبلس المجرمون أي: ييأسون من كل خير. وذلك أنهم ما قدموا لذلك اليوم إلا الإجرام وهي الذنوب، من كفر وشرك ومعاص، فلما قدموا أسباب العقاب ولم يخلطوها بشيء من أسباب الثواب، أيسوا وأبلسوا وأفلسوا وضل عنهم ما كانوا يفترونه، من نفع شركائهم وأنهم يشفعون لهم، ولهذا قال: ولم يكن لهم من شركائهم التي عبدوها مع الله شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين تبرأ المشركون ممن أشركوهم مع الله وتبرأ المعبودون وقالوا: تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون والتعنوا وابتعدوا.
(14-16) وفي ذلك اليوم يفترق أهل الخير والشر كما افترقت أعمالهم في الدنيا.
فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات آمنوا بقلوبهم وصدقوا ذلك بالأعمال الصالحة فهم في روضة فيها سائر أنواع النبات وأصناف المشتهيات، يحبرون أي: يسرون وينعمون بالمآكل اللذيذة والأشربة والحور الحسان والخدم والولدان والأصوات المطربات والسماع المشجي والمناظر العجيبة والروائح الطيبة والفرح والسرور واللذة والحبور مما لا يقدر أحد أن يصفه.
وأما الذين كفروا وجحدوا نعمه وقابلوها بالكفر وكذبوا بآياتنا التي جاءتهم بها [ ص: 1330 ] رسلنا فأولئك في العذاب محضرون فيه، قد أحاطت بهم جهنم من جميع جهاتهم واطلع العذاب الأليم على أفئدتهم وشوى الحميم وجوههم وقطع أمعاءهم، فأين الفرق بين الفريقين وأين التساوي بين المنعمين والمعذبين؟"