باب القصاص بين الرجال والنساء
قال الله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=30525_30532_33491_34322_34513_9130_9162_9177_9192_9286_9298_33488_23607_9241_9133_9174_9131_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178كتب عليكم القصاص في القتلى وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فظاهر ما ذكر من ظواهر الآي الموجبة للقصاص في الأنفس بين العبيد والأحرار موجب للقصاص بين الرجال والنساء فيها .
وقد اختلف الفقهاء في ذلك ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16438وابن شبرمة : " لا قصاص بين الرجال والنساء إلا في الأنفس " وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة رواية أخرى : أن بينهم قصاصا فيما دون النفس .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : "
nindex.php?page=treesubj&link=27317_9175_9161_9160القصاص واقع فيما بين الرجال والنساء في الأنفس وما دونها " إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث قال : " إذا جنى الرجل على امرأته عقلها ولم يقتص منه " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي : " إذا قتلت امرأة رجلا قتلت به ، وأخذ من مالها نصف الدية ، وكذلك إن أصابته بجراحة " قال : " وإن كان هو الذي قتلها أو جرحها فعليه القود ، ولا يرد عليه شيء " . وقد روي عن
السلف اختلاف في ذلك ، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : " أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قتل نفرا من أهل صنعاء بامرأة أقادهم بها " . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين : أنه يقتل بها . واختلف عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام فيها ، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=16861ليث عن
الحكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وعبد الله [ ص: 172 ] قالا : " إذا قتل الرجل المرأة متعمدا فهو بها قود " . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا قال : " إن شاءوا قتلوه ، وأدوا نصف الدية ، وإن شاءوا أخذوا نصف دية الرجل " .
وروى
أشعث عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن في امرأة قتلت رجلا عمدا قال : " تقتل ، وترد نصف الدية " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي من القولين في ذلك مرسل ؛ لأن أحدا من رواته لم يسمع من علي شيئا ، ولو ثبتت الروايتان كان سبيلهما أن تتعارضا ، وتسقطا فكأنه لم يرو عنه في ذلك شيء .
وعلى أن رواية الحكم في إيجاب القود دون المال أولى لموافقتها لظاهر الكتاب ، وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178كتب عليكم القصاص في القتلى وسائر الآي الموجبة للقود ليس في شيء منها ذكر الدية ، وهو غير جائز أن يزيد في النص إلا بنص مثله ؛ لأن الزيادة في النص توجب النسخ .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13433ابن قانع قال : حدثنا
إبراهيم بن عبد الله قال : حدثنا
محمد بن عبد الله الأنصاري قال : حدثنا
حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652504أن الربيع بنت النضر لطمت جارية فكسرت ثنيتها فعرض عليهم الأرش فأبوا ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالقصاص فجاء أخوها أنس بن النضر فقال : يا رسول الله تكسر سن الربيع ؟ لا ، والذي بعثك بالحق فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=9أنس كتاب الله القصاص فعفا القوم ، فقال صلى الله عليه وسلم : إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الذي في كتاب الله القصاص دون المال فلا جائز إثبات المال مع القصاص .
ومن جهة أخرى أنه إذا لم يجب القصاص بنفس القتل فغير جائز إيجابه مع إعطاء المال ؛ لأن المال حينئذ يصير بدلا من النفس ، وغير جائز قتل النفس بالمال ، ألا ترى أن من رضي أن يقتل ، ويعطى مالا يكون لوارثه لم يصح ذلك ، ولم يجز أن يستحق النفس بالمال ؟ فبطل أن يكون القصاص موقوفا على إعطاء المال . وأما مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي في أن المرأة إذا كانت القاتلة قتلت ، وأخذ من مالها نصف الدية ، فقول يرده ظاهر الآي الموجبة للقصاص ، ويوجب زيادة حكم غير مذكور فيها .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=656369أن يهوديا قتل جارية ، وعليها أوضاح لها ، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقتله بها .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=49197إن الرجل يقتل بالمرأة . وأيضا قد ثبت عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قتل جماعة رجال بالمرأة الواحدة من غير خلاف ظهر من أحد من نظرائه مع استفاضة ذلك ، وشهرته عنه ، ومثله يكون إجماعا .
ومما يدل على قتل الرجل بها من غير بدل مال ، ما قدمنا من سقوط اعتبار ،
[ ص: 173 ] المساواة بين الصحيحة ، والسقيمة ، وقتل العاقل بالمجنون ، والرجل بالصبي ، وهذا يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=9177_9154سقوط اعتبار المساواة في النفوس ، وأما دون النفس فإن اعتبار المساواة ، واجب فيه ، والدليل عليه اتفاق الجميع على امتناع
nindex.php?page=treesubj&link=9180_9177أخذ اليد الصحيحة بالشلاء .
وكذلك لم يوجب أصحابنا
nindex.php?page=treesubj&link=27317القصاص بين الرجال ، والنساء فيما دون النفس ، وكذلك بين العبيد ، والأحرار ؛ لأن ما دون النفس من أعضائها غير متساوية .
فإن قال قائل : هلا قطعت يد العبد ، ويد المرأة بيد الرجل كما قطعت اليد الشلاء بالصحيحة قيل له : إنما سقط القصاص في هذا الموضع لاختلاف أحكامها لا من جهة النقص ، فصار كاليسرى لا تؤخذ باليمنى ، وأوجب أصحابنا القصاص بين النساء فيما دون النفس لتساوي أعضائهما من غير اختلاف في أحكامهما ، ولم يوجبوا القصاص فيما بين العبيد فيما دون النفس ؛ لأن تساويهما إنما يعلم من طريق التقويم ، وغالب الظن .
كما لا تقطع اليد من نصف الساعد ؛ لأن الوصول إلى علمه من طريق الاجتهاد . وعندهم أن أعضاء العبد حكمها حكم الأموال في جميع الوجوه ، فلا يلزم العاقلة منها شيء ، وإنما يلزم الجاني في ماله ، وليس كذلك النفس ؛ لأنها تلزم العاقلة في الخطأ ، وتجب فيها الكفارة ففارق الجنايات على الأموال ، والله أعلم .
بَابُ الْقِصَاصِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=30525_30532_33491_34322_34513_9130_9162_9177_9192_9286_9298_33488_23607_9241_9133_9174_9131_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ مِنْ ظَوَاهِرِ الْآيِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ فِي الْأَنْفُسِ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ مُوجِبٌ لِلْقِصَاصِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِيهَا .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبُو يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٌ nindex.php?page=showalam&ids=15922وَزُفَرُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16438وَابْنُ شُبْرُمَةَ : " لَا قِصَاصَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا فِي الْأَنْفُسِ " وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابْنِ شُبْرُمَةَ رِوَايَةٌ أُخْرَى : أَنَّ بَيْنَهُمْ قِصَاصًا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابْنُ أَبِي لَيْلَى nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثُ nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : "
nindex.php?page=treesubj&link=27317_9175_9161_9160الْقِصَاصُ وَاقِعٌ فِيمَا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْأَنْفُسِ وَمَا دُونَهَا " إِلَّا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15124اللَّيْثَ قَالَ : " إِذَا جَنَى الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ عَقَلَهَا وَلَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16542عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ : " إِذَا قَتَلَتِ امْرَأَةٌ رَجُلًا قُتِلَتْ بِهِ ، وَأُخِذَ مِنْ مَالِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَصَابَتْهُ بِجِرَاحَةٍ " قَالَ : " وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي قَتَلَهَا أَوْ جَرَحَهَا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ " . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
السَّلَفِ اخْتِلَافٌ فِي ذَلِكَ ، فَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : " أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ قَتَلَ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ بِامْرَأَةٍ أَقَادَهُمْ بِهَا " . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ : أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهَا . وَاخْتُلِفَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهَا ، فَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16861لَيْثٌ عَنِ
الْحَكَمِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ [ ص: 172 ] قَالَا : " إِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ مُتَعَمِّدًا فَهُوَ بِهَا قَوَدٌ " . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا قَالَ : " إِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ ، وَأَدَّوْا نِصْفَ الدِّيَةِ ، وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا نِصْفَ دِيَةِ الرَّجُلِ " .
وَرَوَى
أَشْعَثُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ فِي امْرَأَةٍ قَتَلَتْ رَجُلًا عَمْدًا قَالَ : " تُقْتَلُ ، وَتَرُدُّ نِصْفَ الدِّيَةِ " .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : مَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ مُرْسَلٌ ؛ لِأَنَّ أَحَدًا مِنْ رُوَاتِهِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا ، وَلَوْ ثَبَتَتِ الرِّوَايَتَانِ كَانَ سَبِيلُهُمَا أَنْ تَتَعَارَضَا ، وَتَسْقُطَا فَكَأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ .
وَعَلَى أَنَّ رِوَايَةً الْحَكَمِ فِي إِيجَابِ الْقَوَدِ دُونَ الْمَالِ أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهَا لِظَاهِرِ الْكِتَابِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى وَسَائِرُ الْآيِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَوَدِ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ الدِّيَةِ ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَزِيدَ فِي النَّصِّ إِلَّا بِنَصٍّ مِثْلِهِ ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي النَّصِّ تُوجِبُ النَّسْخَ .
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13433ابْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا
حُمَيْدٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652504أَنَّ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ النَّضْرِ لَطَمَتْ جَارِيَةً فَكَسَرَتْ ثَنِيَّتَهَا فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْأَرْشَ فَأَبَوْا ، فَأَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ فَجَاءَ أَخُوهَا أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ تُكْسَرُ سِنُّ الرُّبَيِّعِ ؟ لَا ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ فَقَالَ : يَا nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فَعَفَا الْقَوْمُ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الَّذِي فِي كِتَابِ اللَّهِ الْقِصَاصُ دُونَ الْمَالِ فَلَا جَائِزٌ إِثْبَاتُ الْمَالِ مَعَ الْقِصَاصِ .
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ بِنَفْسِ الْقَتْلِ فَغَيْرُ جَائِزٍ إِيجَابُهُ مَعَ إِعْطَاءِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ حِينَئِذٍ يَصِيرُ بَدَلًا مِنَ النَّفْسِ ، وَغَيْرُ جَائِزٍ قَتْلُ النَّفْسِ بِالْمَالِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ رَضِيَ أَنْ يُقْتَلَ ، وَيُعْطَى مَالًا يَكُونُ لِوَارِثِهِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَحِقَّ النَّفْسَ بِالْمَالِ ؟ فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ الْقِصَاصُ مَوْقُوفًا عَلَى إِعْطَاءٍ الْمَالِ . وَأَمَّا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ ، وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16542عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَتِ الْقَاتِلَةَ قُتِلَتْ ، وَأُخِذَ مِنْ مَالِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ ، فَقَوْلٌ يَرُدُّهُ ظَاهِرُ الْآيِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ ، وَيُوجِبُ زِيَادَةَ حُكْمٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ فِيهَا .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=656369أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً ، وَعَلَيْهَا أَوْضَاحٌ لَهَا ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلَهُ بِهَا .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=49197إِنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ . وَأَيْضًا قَدْ ثَبَتَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَتْلُ جَمَاعَةِ رِجَالٍ بِالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ ظَهَرَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ نُظَرَائِهِ مَعَ اسْتِفَاضَةِ ذَلِكَ ، وَشُهْرَتِهِ عَنْهُ ، وَمِثْلُهُ يَكُونُ إِجْمَاعًا .
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى قَتْلِ الرَّجُلِ بِهَا مِنْ غَيْرِ بَدَلِ مَالٍ ، مَا قَدَّمْنَا مِنْ سُقُوطِ اعْتِبَارِ ،
[ ص: 173 ] الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ ، وَالسَّقِيمَةِ ، وَقَتْلِ الْعَاقِلِ بِالْمَجْنُونِ ، وَالرَّجُلِ بِالصَّبِيِّ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=9177_9154سُقُوطِ اعْتِبَارِ الْمُسَاوَاةِ فِي النُّفُوسِ ، وَأَمَّا دُونَ النَّفْسِ فَإِنَّ اعْتِبَارَ الْمُسَاوَاةِ ، وَاجِبٌ فِيهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى امْتِنَاعِ
nindex.php?page=treesubj&link=9180_9177أَخْذِ الْيَدِ الصَّحِيحَةِ بِالشَّلَّاءِ .
وَكَذَلِكَ لَمْ يُوجِبْ أَصْحَابُنَا
nindex.php?page=treesubj&link=27317الْقِصَاصَ بَيْنَ الرِّجَالِ ، وَالنِّسَاءِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ ، وَكَذَلِكَ بَيْنَ الْعَبِيدِ ، وَالْأَحْرَارِ ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ أَعْضَائِهَا غَيْرُ مُتَسَاوِيَةٍ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : هَلَّا قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ ، وَيَدُ الْمَرْأَةِ بِيَدِ الرَّجُلِ كَمَا قُطِعَتِ الْيَدُ الشَّلَّاءُ بِالصَّحِيحَةِ قِيلَ لَهُ : إِنَّمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا لَا مِنْ جِهَةِ النَّقْصِ ، فَصَارَ كَالْيُسْرَى لَا تُؤْخَذُ بِالْيُمْنَى ، وَأَوْجَبَ أَصْحَابُنَا الْقِصَاصَ بَيْنَ النِّسَاءِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِتَسَاوِي أَعْضَائِهِمَا مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ فِي أَحْكَامِهِمَا ، وَلَمْ يُوجِبُوا الْقِصَاصَ فِيمَا بَيْنَ الْعَبِيدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ ؛ لِأَنَّ تَسَاوِيَهُمَا إِنَّمَا يُعْلَمُ مِنْ طَرِيقِ التَّقْوِيمِ ، وَغَالِبِ الظَّنِّ .
كَمَا لَا تُقْطَعُ الْيَدُ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ ؛ لِأَنَّ الْوُصُولَ إِلَى عِلْمِهِ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ . وَعِنْدَهُمْ أَنَّ أَعْضَاءَ الْعَبْدِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَمْوَالِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ ، فَلَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مِنْهَا شَيْءٌ ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْجَانِي فِي مَالِهِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ النَّفْسُ ؛ لِأَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ فِي الْخَطَأِ ، وَتَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ فَفَارَقَ الْجِنَايَاتِ عَلَى الْأَمْوَالِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .