قوله تعالى : ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا روى عن الأعمش أبي سفيان عن قال : ( كان جابر عبد الله بن أبي يقول لجاريته : اذهبي فابغينا شيئا ، فأنزل الله تعالى : ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء الآية ) .
وروى عن سعيد بن جبير : ابن عباس ومن يكرهن الآية ، قال : ( لهن غفور رحيم ) .
قال : أخبر تعالى أن أبو بكر مغفور لها ما فعلته على وجه الإكراه ، كما بين تعالى في آية أخرى أن الإكراه على الكفر يزيل حكمه إذا أظهره المكره عليه بلسانه ؛ وإنما قال : المكرهة على الزنا إن أردن تحصنا لأنها لو أرادت الزنا ولم ترد التحصن ثم فعلته على ما ظهر من الإكراه وهي مريدة له ، كانت آثمة بهذه الإرادة وكان حكم الإكراه زائلا عنها في [ ص: 188 ] الباطن وإن كان ثابتا في الظاهر ؛ وكذلك من أكره على الكفر وهو يأباه في الظاهر إلا أنه فعله مريدا له لا على وجه الإكراه كان كافرا ، وكذلك قال أصحابنا فيمن أكره على أن يقول : ( الله ثالث ثلاثة ) أو على أن يشتم النبي صلى الله عليه وسلم فخطر بباله أن يقول على وجه الحكاية عن الكفار أو أن يعتقد شتم محمد آخر غير النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصرف قصده ونيته إلى ذلك واعتقد أن يقوله على الوجه الذي أكره عليه ، كان كافرا .