في ظهار المرأة من زوجها قال أصحابنا : " لا يصح ، وهو قول ظهار المرأة من زوجها " مالك والثوري والليث وذكر والشافعي عن الطحاوي ابن أبي عمران عن علي بن صالح عن أنها إذا قالت لزوجها أنت علي كظهر أمي أو كظهر أخي كانت مظاهرة من زوجها ، قال الحسن بن زياد : فسألت علي فقال : ليس عليها شيء ، فأتيت محمد بن الحسن فذكرت له قوليهما فقال : هذان شيخا الفقه أخطآ ، هو تحريم ، عليها كفارة يمين كقولها أنت علي حرام . أبا يوسف
وقال " هي يمين تكفرها " وقال الأوزاعي : " تعتق رقبة وتكفر بكفارة الظهار ، فإن لم تفعل وكفرت يمينا رجونا أن يجزيها " . الحسن بن صالح
وروى عن مغيرة إبراهيم قال : خطب مصعب بن الزبير فقالت : هو عليها كظهر أبيها إن تزوجته ، فلما ولي الإمارة أرسل إليها ، فأرسلت تسأل والفقهاء يومئذ عائشة بنت طلحة بالمدينة كثير ، فأفتوها أن تعتق رقبة وتزوجها ؛ وقال إبراهيم : لو كانت عنده يعني عند زوجها يوم قالت ذلك ما كان عليها عتق رقبة ، ولكنها كانت تملك نفسها حين قالت ما قالت وروي عن أنها إذا الأوزاعي كانت مظاهرة ، ولو قالت وهي تحت زوج كان عليها كفارة يمين . قالت : " إن تزوجته فهو علي كظهر أبي "
قال : لا يجوز أن [ ص: 311 ] تكون عليها كفارة يمين ؛ لأن الرجل لا تلزمه بذلك كفارة يمين ، وهو الأصل ، فكيف يلزمها ذلك كما أن قول الرجل : " أنت طالق " لا يكون غير طالق ، كذلك ظهارها لا يلزمها به شيء . ولا يصح منها ظهار بهذا القول ؛ لأن الظهار يوجب تحريما بالقول وهي لا تملك ذلك كما لا تملك الطلاق ؛ إذ كان موضوعا لتحريم يقع بالقول . أبو بكر
واختلفوا ، فقال أصحابنا فيمن قال أنت علي كظهر أبي والأوزاعي : " ليس بشيء " ، وقال والشافعي : " هو مظاهر " قال مالك : إنما حكم الله - تعالى - بالظهار فيمن شبهها بظهر الأم ومن جرى مجراها من ذوات المحارم التي لا يجوز له أن يستبيح النظر إلى ظهرها بحال ، وهو يجوز له النظر إلى ظهر أبيه والأب والأجنبي في ذلك سواء ، ولو قال : " أنت علي كظهر الأجنبي " لم يكن شيئا ، فكذلك ظهر الأب . أبو بكر
واختلفوا ، فقال أصحابنا فيمن ظاهر مرارا : " عليه لكل ظهار كفارة إلا أن يكون في مجلس واحد وأراد التكرار فتكون عليه كفارة واحدة " وقال والشافعي : " من مالك فليس عليه إلا كفارة واحدة ، وإن ظاهر ثم كفر ثم ظاهر فعليه الكفارة أيضا " . ظاهر من امرأته في مجالس متفرقة
وقال : " عليه كفارة واحدة ، وإن كان في مقاعد شتى " قال الأوزاعي : الأصل أن الظهار لما كان سببا لتحريم ترفعه الكفارة أن تجب بكل ظهار كفارة ، إلا أنهم قالوا إذا أراد التكرار في مجلس واحد فعليه كفارة واحدة ؛ لاحتمال اللفظ لما أراد من التكرار فإن قيل : قوله : أبو بكر والذين يظاهرون من نسائهم يقتضي إيجاب كفارة واحدة ، وإن ظاهر مرارا ؛ لأن اللفظ لا يختص بالمرة الواحدة دون المرار الكثيرة قيل له : لما كانت الكفارة في رفع التحريم متعلقة بحرمة اللفظ أشبه اليمين ، فمتى حلف مرارا لزمته لكل يمين كفارة إذا حنث ، ولم يكن قوله فكفارته إطعام عشرة مساكين موجبا للاقتصار بالأيمان الكثيرة على كفارة واحدة .
واختلفوا في ؟ فقال أصحابنا : " لا ينبغي للمرأة أن تدعه يقربها حتى يكفر " وذكر المظاهر هل يجبر على التكفير عن الطحاوي عن عباد بن العوام قال : سألت سفيان بن حسين الحسن عن وابن سيرين ، قال : تستعدي عليه ؛ قال : وسألت رجل ظاهر من امرأته فلم يكفر تهاونا ، فقال : تستعدي عليه وقال أبا حنيفة : " عليها أن تمنعه نفسها ويحول الإمام بينه وبينها " وقول مالك يدل على أنه يحكم عليه بالتكفير . قال الشافعي : قال أصحابنا : " يجبر على جماع المرأة فإن أبى ضربته رواه أبو بكر هشام ؛ وهذا يدل على أنه يجبر على التكفير ليوفيها حقها من الجماع .
واختلفوا في ، فقال [ ص: 312 ] الرقبة الكافرة عن الظهار عطاء ومجاهد ، وإحدى الروايتين عن وإبراهيم : " يجزي الكافر " ، وهو قول أصحابنا الحسن والثوري ، وروي عن والحسن بن صالح : " أنه لا يجزي في شيء من الكفارات إلا الرقبة المؤمنة " ، وهو قول الحسن مالك قال والشافعي : ظاهر قوله : أبو بكر فتحرير رقبة يقتضي جواز الكافرة ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم للمظاهر : " أعتق رقبة " ولم يشترط الإيمان ، ولا يجوز قياسها على كفارة القتل لامتناع جواز قياس المنصوص بعضه على بعض ؛ ولأن فيه إيجاب زيادة في النص وذلك عندنا يوجب النسخ .
واختلفوا في جواز ، فقال أصحابنا : " إذا كانت عنده رقبة للخدمة ولا شيء له غيرها أو كان عنده دراهم ثمن رقبة ليس له غيرها لم يجزه الصوم " ، وهو قول الصوم مع وجود رقبة للخدمة مالك والثوري وقال والأوزاعي الليث : " من له خادم لا يملك غيره فله أن يصوم " ، قال الله : والشافعي فتحرير رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين
فأوجب الرقبة بديا على واجدها ونقله إلى الصوم عند عدمها ، فلما كان هذا واجدا لها لم يجزه غيره
فإن قيل : هو بمنزلة من معه ماء يخاف على نفسه العطش فيجوز له التيمم قيل له : لأنه مأمور في هذه الحال باستبقاء الماء وهو محظور عليه استعماله ، وليس بمحظور عليه عند الجميع عتق هذه الرقبة ، فعلمنا أنه واجد .
واختلفوا في ، فقال أصحابنا : " لا يجوز عتق أم الولد والمدبر والمكاتب إذا كان قد أدى شيئا عن الكتابة ، ولا المدبر ، فإن لم يكن أدى شيئا أجزأه ، وإن اشترى أباه ينوي به عن كفارته جاز ، وكذلك كل ذي رحم محرم ، ولو قال : كل عبد أشتريه فهو حر ، ثم اشترى عبدا ينويه عن كفارته ولم يجزه " وقال عتق أم الولد والمدبر والمكاتب ونحوهم في الكفارة : " لا يجزي المكاتب ، وإن لم يكن أدى شيئا " . زفر
وقال : " لا يجزي المكاتب ولا المدبر ولا أم الولد ولا معتق إلى سنين عن الكفارة ولا الولد والوالد " . وقال مالك : " لا يجزي المكاتب ولا المدبر ولا أم الولد " وقال الأوزاعي : " يجزي المدبر وأم الولد في كفارة الظهار واليمين " . وقال عثمان البتي : " يجزي أن يشتري أباه فيعتقه بالكفارة التي عليه " وقال الليث : " لا يجزي من إذا اشتراه عتق عليه ، " يجزي المدبر ولا يجزي المكاتب ، وإن لم يؤد شيئا ، ويجزي المعتق إلى سنين ولا تجزي أم الولد " قال الشافعي : أما أم الولد والمدبر فإنهما لا يجزيان من قبل أنهما قد استحقا العتق من غير جهة الكفارة . أبو بكر
ألا ترى أن ما ثبت لهما من حق العتاق يمنع بيعهما ولا يصح فسخ ذلك عنهما ؟ فمتى أعتقهما فإنما عجل عتقا مستحقا ، وليس كذلك من قال له المولى : " أنت حر [ ص: 313 ] بعد شهر أو سنة " ؛ لأنه لم يثبت له حق بهذا القول يمنع بيعه . ألا ترى أنه يجوز له أن يبيعه ؟ وأما المكاتب فإنه ، وإن لم يجز بيعه فإن الكتابة يلحقها الفسخ ، وإنما لا يجوز بيعه كما لا يجوز بيع الآبق والعبد المرهون والمستأجر فلا يمنع ذلك جواز عتقه عن الكفارة ، فإذا أعتق المكاتب قبل أن يؤدي شيئا فقد أسقط المال فصار كمن أعتق عبدا غير مكاتب ، وإن كان قد أدى شيئا لم يجز من قبل أن الأداء لا ينفسخ بعتقه فقد حصل له عن عتقه بدل فلا يجزي عن الكفارة ، وأما إذا اشترى أباه فإنه يجزي إذا نوى ؛ لأن قبوله للشرى بمنزلة قوله أنت حر ؛ والدليل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ومعلوم أن معناه : يعتقه بشرائه إياه ، فجعل شراءه بمنزلة قوله : " أنت حر " فأجزأ ، بمنزلة من قال لعبده : أنت حر . لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه
واختلفوا في ، فقال أصحابنا مقدار الطعام : " لكل مسكين نصف صاع بر أو صاع تمر أو شعير " وقال والثوري مد بمد هشام ، وهو مدان إلا ثلثا بمد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك من الحنطة ، وأما الشعير فإن كان طعام أهل بلده فهو مثل الحنطة وكذلك التمر ، وإن لم يكونا طعام أهل البلد أطعمهم من كل واحد منهما وسطا من شبع الشعير والتمر " . مالك
وقال : " لكل مسكين مد من طعام بلده الذي يقتات حنطة أوشعير أو أرز أو تمر أو أقط ، وذلك بمد النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعتبر مد أحدث بعده " . حدثنا الشافعي محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن سليمان الأنباري قالا : حدثنا ابن إدريس عن عن محمد بن إسحاق محمد بن عمرو بن عطاء عن عن سليمان بن يسار سلمة بن صخر قال : كنت امرأ أصيب من النساء ، وذكر قصة ظهاره من امرأته وأنه جامع امرأته وسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : . حرر رقبة ، فقلت : والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها وضربت صفحة رقبتي ، قال : فصم شهرين متتابعين ، قال : وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام ؟ قال فأطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا ، قلت : والذي بعثك بالحق نبيا لقد بتنا وحشين وما لنا طعام قال : فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر وكل أنت وعيالك بقيتها
فإن قيل : روى عن إسماعيل بن جعفر محمد بن أبي حرملة عن : أن عطاء بن يسار خولة بنت مالك بن ثعلبة ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : . مريه فليذهب إلى فلان فإن عنده شطر وسق فليأخذه صدقة عليه ثم يتصدق به على ستين مسكينا
وروى عبد الله بن إدريس عن عن محمد بن إسحاق معمر بن عبد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن [ ص: 314 ] سلام عن خولة : قيل له : قد روينا حديث أن زوجها ظاهر منها فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يتصدق بخمسة عشر صاعا على ستين مسكينا عن محمد بن إسحاق محمد بن عمرو بن عطاء وأنه أمره بأن يطعم وسقا من تمر ستين مسكينا ، وهذا أولى ؛ لأنه زائد على خبرك وأيضا فجائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أعانه بهذا القدر ، ولا دلالة فيه على أن ذلك جميع الكفارة ، وقد بين ذلك في حديث عن إسرائيل أبي إسحاق عن يزيد بن زيدان زوج خولة ظاهر منها وذكر الحديث ، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعا ؛ وهذا يدل على أنه أعانه ببعض الكفارة . وقد روي ذلك أيضا في حديث رواه يوسف بن عبد الله بن سلام يحيى بن زكريا عن عن محمد بن إسحاق معمر بن عبد الله عن قال : حدثتني يوسف بن عبد الله بن سلام خولة بنت مالك بن ثعلبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعان زوجها حين ظاهر منها بعذق من تمر وأعانته هي بعذق آخر ، وذلك ستون صاعا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تصدق به .
اختلفوا في ؟ فقال أصحابنا المظاهر يجامع قبل أن يطعم ومالك : لا يجامع حتى يطعم إذا كان فرضه الطعام " وروى والشافعي زيد بن أبي الزرقاء عن : " أنه إذا أراد أن يطأها قبل أن يطعم لم يكن آثما " . وروى الثوري المعافى والأشجعي عن : " أنه لا يقربها حتى يطعم " ، الثوري وأيضا لما اتفق الجميع على أن الجماع محظور عليه قبل عتق الرقبة وجب بقاء حظره إذا عجز ؛ إذ جائز أن يجد الرقبة قبل الإطعام فيكون الوطء واقعا قبل العتق . قال النبي صلى الله عليه وسلم للمظاهر بعدما ذكر عجزه عن الصيام : ثم لا يقربها حتى يكفر