وقوله تعالى - : وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل الآية الفيء الرجوع ، ومنه الفيء في الإيلاء في قوله : فإن فاءوا وأفاءه عليه إذا رده عليه والفيء في مثل هذا الموضع ، فالغنيمة فيء والجزية فيء والخراج فيء ؛ لأن جميع ذلك مما ملكه الله المسلمين من أموال أهل الشرك . والغنيمة ، وإن كانت فيئا فإنها تختص بمعنى لا يشاركها فيه [ ص: 318 ] سائر وجوه الفيء ؛ لأنها ما أخذ من أموال أهل الحرب عنوة بالقتال ، فمنها ما يجري فيه سهام الغانمين بعد إخراج الخمس لله - عز وجل - . ما صار للمسلمين من أموال أهل الشرك
وروى عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : عمر بن الخطاب بني النضير فيئا مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ، وكان ينفق منها على أهله نفقة سنة وما بقي جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله . قال كانت أموال : فهذا من الفيء الذي جعل الأمر فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لأحد فيه حق إلا من جعله له النبي صلى الله عليه وسلم فكان النبي صلى الله عليه وسلم ينفق منها على أهله ويجعل الباقي في الكراع والسلاح ؛ وذلك لما بينه الله في كتابه ، وهو أن المسلمين لم يوجفوا عليه بخيل ولا ركاب ، ولم يأخذوه عنوة ، وإنما أخذوه صلحا ، وكذلك كان حكم أبو بكر فدك وقرى عرينة فيما ذكره وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة الصفي وهو ما كان يصطفيه من جملة الغنيمة قبل أن يقسم المال . الزهري
وكان له أيضا سهم من الخمس ، فكان للنبي صلى الله عليه وسلم من الفيء هذه الحقوق يصرفها في نفقة عياله والباقي في نوائب المسلمين ، ولم يكن لأحد فيها حق إلا من يختار هو صلى الله عليه وسلم أن يعطيه وفي هذه الآية دلالة على أن كل مال من أموال أهل الشرك لم يغلب عليه المسلمون عنوة ، وإنما أخذ صلحا أنه لا يوضع في بيت مال المسلمين ويصرف على الوجوه التي يصرف فيها الخراج والجزية ؛ لأنه بمنزلة ما صار للنبي صلى الله عليه وسلم من أموال بني النضير حين لم يوجف المسلمون عليه .