قوله (تعالى): ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به قيل: فيه وجهان؛ أحدهما ما يشتد ويثقل من التكليف؛ كنحو ما كلف بنو إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم؛ وجائز أن يعبر بما يثقل أنه لا يطيقه؛ كقولك: "ما أطيق كلام فلان؛ ولا أقدر أن أراه"؛ ولا يراد به نفي القدرة؛ وإنما يريدون أنه يثقل عليه؛ فيكون بمنزلة العاجز الذي لا يقدر على كلامه؛ ورؤيته؛ لبعده من قلبه؛ وكراهته لرؤيته؛ وكلامه؛ وهو كما قال (تعالى): وكانوا لا يستطيعون سمعا ؛ وقد كانت لهم أسماع صحيحة؛ إلا أن المراد أنهم استثقلوا استماعه؛ فأعرضوا عنه؛ وكانوا بمنزلة من لم يسمع؛ والوجه الثاني ألا يحملنا من العذاب ما لا نطيقه؛ وجائز أن يكون المراد الأمرين جميعا؛ والله أعلم بالصواب.