وقوله (تعالى): إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ؛ الآية؛ روي أنه قال: قلت: يا رسول الله; أي الناس أشد عذابا يوم القيامة؟ قال: "رجل قتل نبيا؛ أو رجلا أمر بمعروف ونهى عن منكر"؛ ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبي عبيدة بن الجراح ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم ؛ ثم قال: "يا أبا عبيدة ؛ قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا؛ من أول النهار؛ في ساعة واحدة؛ فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل؛ فأمروا من قتلهم بالمعروف؛ ونهوهم عن المنكر؛ فقتلوا جميعا من آخر النهار في ذلك اليوم؛ وهو الذي ذكر الله (تعالى)"؛ وفي هذه الآية جواز عن ؛ وأنه منزلة شريفة [ ص: 287 ] يستحق بها الثواب الجزيل; لأن الله (تعالى) مدح هؤلاء الذين قتلوا؛ حين أمروا بالمعروف؛ ونهوا عن المنكر؛ وروى إنكار المنكر مع خوف القتل ؛ وغيره؛ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أبو سعيد الخدري وفي بعض الروايات: "يقتل عليه"؛ وروى "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"؛ عن أبو حنيفة عن عكرمة ؛ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ابن عباس ؛ ورجل تكلم بكلمة حق عند سلطان جائر؛ فقتل"؛ حمزة بن عبد المطلب قال "أفضل الشهداء "لا نعلم عملا من أعمال البر أفضل من القيام بالقسط يقتل عليه". عمرو بن عبيد:
وإنما قال الله (تعالى): فبشرهم بعذاب أليم ؛ وإن كان الإخبار عن أسلافهم من قبل أن المخاطبين من الكفار كانوا راضين بأفعالهم؛ فأجملوا معهم في الإخبار بالوعيد لهم؛ وهذا كقوله (تعالى): قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل ؛ وقوله (تعالى): الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين ؛ فنسب القتل إلى المخاطبين; لأنهم رضوا بأفعال أسلافهم؛ وتولوهم عليها؛ فكانوا مشاركين لهم في استحقاق العذاب؛ كما شاركوهم في الرضا بقتل الأنبياء - عليهم السلام.