قوله (تعالى): وما كان لنبي أن يغل ؛ قرئ: "يغل"؛ بضم الياء؛ ومعناه: "يخان"؛ وخص النبي - صلى الله عليه وسلم – بذلك - وإن كانت خيانة سائر الناس محظورة - تعظيما لأمر خيانته على خيانة غيره؛ كما قال (تعالى): فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ؛ وإن كان الرجس كله محظورا؛ ونحن مأمورون باجتنابه؛ وروي هذا التأويل عن وقال الحسن؛ ؛ ابن عباس ؛ في قوله (تعالى): "يغل"؛ بضم الياء: "إن معناه: "يخون"؛ فينسب إلى الخيانة"؛ وقال: نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر؛ فقال بعض الناس: لعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذها؛ فأنزل الله (تعالى) هذه الآية؛ ومن قرأ: "يغل" بفتح الياء؛ معناه: "يخون"؛ والغلول الخيانة في الجملة؛ إلا أنه قد صار الإطلاق فيها يفيد الخيانة في المغنم؛ وقد عظم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الغلول؛ حتى أجراه مجرى الكبائر؛ وروى وسعيد بن جبير عن قتادة ؛ عن سالم بن أبي الجعد معدان بن أبي طلحة ؛ عن ؛ مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ثوبان وروى "من فارق الروح جسده وهو بريء من ثلاث؛ دخل الجنة: الكبر؛ والغلول؛ والدين"؛ عبد الله بن عمر "كركرة" فمات؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هو في النار"؛ فذهبوا ينظرون فوجدوا عليه كساء؛ أو عباءة قد غلها؛ أن رجلا كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقال له والأخبار في وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أدوا الخيط والمخيط؛ فإنه عار؛ ونار؛ وشنار يوم القيامة"؛ كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم. أمر تغليظ الغلول
وقد روي في إباحة أكل الطعام؛ وأخذ علف الدواب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ والصحابة؛ والتابعين أخبار مستفيضة؛ قال : "أصبنا طعاما يوم خيبر؛ فكان الرجل منا يأتي فيأخذ منه ما يكفيه؛ ثم ينصرف"؛ وعن عبد الله بن أبي أوفى سلمان أنه أصاب يوم المدائن أرغفة حوارى؛ وجبنا؛ وسكينا؛ فجعل يقطع من الجبنة ويقول: "كلوا؛ بسم الله"؛ وقد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: رويفع بن ثابت الأنصاري وهذا محمول على الحال التي يكون فيها مستغنيا عنه؛ فأما إذا احتاج إليه فلا بأس به عند الفقهاء؛ وقد روي عن "لا يحل لأحد يؤمن [ ص: 332 ] بالله واليوم الآخر أن يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه؛ ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه"؛ أنه ضرب رجلا من المشركين يوم اليمامة؛ فوقع على قفاه فأخذ سيفه؛ وقتله به. البراء بن مالك